يرن الهاتف، يرفع السماعة وعيناه مصوبتان على ملف العطاءات الجديدة:
- ألو...
يسند ظهره إلى الخلف مجيبًا:
- أهلًا أبو مشعل.
- أريدك في مكتبي بعد قليل.
- إن شاء الله حضرة المدير.
يضع السماعة وفي باله سؤال يطن في أذنيه: "يا ترى هل قبل استقالتي؟! أم يريد أن يضع العراقيل حتى يعوق الموافقة عليها؟! كلا، لا أعتقد ليس من مصلحته أن يؤجلها خاصة أن أسرار المؤسسة لدي الكثير منها، وبإمكاني بإشارة مني أن أحوله وأبو سعد إلى التحقيق... أنا لست في معرض الخوض في مشكلات لا طائل منها... علاقاته كبيرة ومتشعبة أخاف أن يصلوا إلى أبنائي ويؤذوهم!
يتنهد بكدر، ينهض ويطفئ الأنوار ويتجه إلى مكتب المدير. بعد نصف ساعة يدلف إلى خارج المؤسسة، ويستقل سيارته عائدًا إلى البيت، في الطريق يفكر في كيفية تدبير خطبة ماجد ولوازم عرسه، يسحب نفسًا عميقًا إلى رئتيه، بعد ربع ساعة يصل إلى البيت، يدلف إلى الداخل مناديًا:
- أين أنت يا أم ماجد؟!
- أنا هنا يا أبا ماجد.
تنظر إلى علي وهو مستلقٍ على السرير، مستفسرة:
- ما بالك يا علي لماذا لم تذهب إلى عملك؟!
- لا شيء يا أمي، فقط أشعر بتعب.
- ما الذي يؤلمك؟! قل لي يا بني.
- رأسي يؤلمني.
- سلامتك.. خذ إجازة مرضية كي ترتاح قليلًا.
- إن شاء الله يا أمي، لا تقلقي.
- هل تريد أن أعمل لك شيئًا؟
- أريد كوبًا من البابونج.
- حسنًا يا بني.
تنادي على خلود:
- يا خلود أعدي كوبًا من البابونج لأخيك علي.
تتذمر وتنفخ وجديها تململًا متمتمة:
"يا الله لا يوجد في البيت سوى خلود؟! ماذا أفعل يا ربي!
- هيا يا خلود لا تتأخري، أخاك مريض.
- على أمرك يا أمي.
تخرج وتدلف إلى غرفة النوم، تشاهد أبو ماجد يصلي، يدق الباب تفتحه فإذا هو ماجد تخفض صوتها:
- ها ما بالك يا ماجد؟ اللهم اجعله خيرًا.. ماذا تريد؟!
تطرق لوهلة:
- تعال إلى هنا...
تخرج وتغلق الباب متسائلة:
- ها قل لي هل يوجد شيء؟!
- أمي أنا سئمت إلى متى سننتظر، اتصلي بأهل البنت حتى نعرف ردهم؟
- اصبر يا بني... وعدتني أمها إلى آخر الأسبوع حتى ترد علينا.
يتنهد بضيق.
الساعة الثانية صباحًا، سارة يتعالى صوتها، تستيقظ سعاد وتشعل الأنوار وتحملها، عبد اللطيف يفتح عينيه يتقلب ويتأفف، يسحب غطاءه وينصرف خارج الغرفة، تحدق به بفتور، تهدهدها، تتناول الرضاعة وترضعها.
- اقرأ أيضاً رواية الأيام بيننا الجزء الأول
- اقرأ أيضاً رواية "الأيام بيننا" ج152.. روايات اجتماعية
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.