تدلف سعاد إلى غرفة الضيافة نبيل وأم عبد اللطيف يجلسان على الكنبة أمام التلفاز، تمر من أمامهما وتجلس على الكرسي المقابل لهما، تتكئ بيدها على مقبض الكرسي وتنظر إلى التلفاز، يضعُ يده على فمه ويضحك بصوت خافت ويهمس لأمه ويبتسمان، تشعرُ بالضيق تقف وتتجه إلى غرفتها..
تشير أم عبد اللطيف إليها برفع أصابعها الخمسة سخرية. وأمام التسريحة تجلس وتنظر إلى وجهها، تخفض رأسها وتضع كفيها تتنهد، وتلقي بالمشط على الأرض وتغطي وجهها بكفيها وتبكي بحرقة.
في غرفة الجلوس أبو ماجد متربع يقرأ القرآن بعد صلاة العشاء، تدخل خلود بغتة وقد بدا على ملامحها الخوف والفزع، يستدير متسائلًا بقلق:
- ما بالك يا خلود ما الذي حدث؟!
تجيب بارتباك:
- أمي يا أبي ؟! لا أدري ماذا حدث لها أنفها ينزف دمًا بغزارة!
يهرع إلى غرفة النوم أم ماجد مستلقية على السرير وأنفها ينزف دمًا بقوة ويبدو عليها الهلع، يجلس بجانبها مستفسرًا بتوتر:
- ماذا دهاك يا أم ماجد؟ سلامتك؟
ترد بصوت متحشرج:
- متعبة يا أبا ماجد... متعبة جدًا... عفوك يا الله.
تدخل وفاء تعدل من جلسة أمها وتسند رأسها للخلف، وتضع ثلجًا بين عينيها وتضغط بأصابعها على مقدمة أنفها معلقة:
- لا تخافي يا أمي، سيزول حالًا إن شاء الله.
يتساءل بقلق:
- ها يا وفاء كيف حالك أمك؟ هل تحتاج إلى زيارة الطبيب.
ترد بنبرة مطمئنة:
- كلا يا أبي، هي بخير لا تقلق، سيرتفع عنها النزيف بعد قليل.
بعد ساعتين، أبو ماجد يجلس بجانبها ويلمس على رأسها بعطف وتبتسم:
- ها كيف أصبحت يا أم ماجد؟
تلتفت إليه مجيبة بنبرة هادئة:
- الحمد لله أصبحت بخير.
قال بنبرة مهمومة:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، لا أدري ما الذي يحدث لنا.
تنحدر دمعة دافئة من عينها وتمسحها بكف يدها.
عليّ ويوسف في ملهى ليليّ يشربان ويضحكان، تطفأ الأنوار وتبدأ موسيقا صاخبة وأضواء ساطعة، يصفقان ويشرع عليّ بالرقص ويوسف يصفق له ويحييه.
أبو ماجد في غرفة الضيافة يضع يده على رأسه ويشرد بتفكيره ثم ينظر إلى الساعة التي تشير إلى الثانية عشرة ليلًا.
في الصباح وفي الساعة السابعة، يجلس أبو ماجد على الكرسي أمام طاولة الطعام، عادل وماجد يجلسان على الجانب الأيمن من الطاولة، هناء تحمل صينية الشاي ثم تضعها على الطاولة، خلود توزع الخبز، أبو ماجد يشبك أصابعه بحيرة وينظر إلى عادل وماجد متسائلًا:
- ها... هل نمتما جيدًا.
يهز ماجد رأسه:
- نعم يا والدي الحمد لله.
يرتشف قليلًا من الشاي محدقًا بماجد:
- كيف حال عملك؟
يجيبه بتوجس:
- بخير والحمد لله.
يصوب نظراته إليه مستطردًا:
- طبعًا لم تدر أن أمك كانت متعبة بالأمس!
ينظر ماجد إلى عادل ويرفع كتفه باندهاش، هناء تجلس بجانب خلود وتتبادلان النظرات باستياء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.