تظهر أم ماجد في المطبخ تعدُّ الطعام وتنظف من جانب آخر، هاتف لاسلكي موجود على الطاولة أمامها، يرن مرتين وتتلفت باحثة عنه ترفعه مجيبة:
- ألو... أهلاً وسهلاً بأم فواز كيف حالك؟
- بخير يا أختي.. لا تنسي اليوم خطبة فواز.
- على خير يا حبيبتي...سنحضر طبعًا أنا والبنات وأبو ماجد والأولاد الكل سيحضر.
- إن شاء الله يا أختي لا تتأخروا.. الحفلة لا تحلو إلا بكم.
- سلمك الله يا أم فواز، فواز مثل ولدي ماجد.
- لا تؤاخذيني يا أختي مضطرة للذهاب! أنت تعرفين نريد أن نتجهز للحفلة ونرتب البيت ونؤمن حاجات الحفلة.
- عذرك معك يا أختي أعانك الله ومبارك مقدمًا.
- بارك الله فيك وعقبال ماجد نفرح به.
- إن شاء الله آمين.
- مع السلامة.
- مع السلامة.
في وقت الظهيرة عند الساعة الثانية درجة الحرارة تربو عن أربعة وثلاثين في الميناء، حيث الشاحنات تتحرك في كل اتجاه والمكان مزدحم.. أبو ماجد ينظر إلى شاحنة قد وصلت توًا، يتجه إلى السائق مشيرًا بيده، السائق يتصبب عرقًا يظهر عليه التعب والإجهاد، يدير رأسه وينظر إلى أبي ماجد ، يعلو صوت السائق قليلاً ويطرق طرقات خفيفة على نافذة الشاحنة مستفسرًا بالقول:
- أريد أن أتحدث معك!
- نعم! لا أسمعك!
- أقول أفتح النافذة أريد أن أتحدث معك!
يفتح السائق نافذة الشاحنة وهو يزفر زفرة حارة عاقدًا حاجبيه متسائلاً:
- ماذا تقول؟!
- أقول هنا مكان المتابعة وتخليص الأوراق.
يهز رأسه يعلو صوته وهو متضايق ينزل من الشاحنة ثم يرد بنبرة متجهمة:
- نعم أي أوراق؟
- ما هذا السؤال؟! ألا تعلم أين أنت؟!
يضع يديه على خاصرتيه ويقف متكئًا على باب الشاحنة يرفع القبعة عن رأسه يمسح العرق بيده يبتسم ابتسامة صفراء:
- أف... أعلم جيدًا.
- حسناً أعطني أوراق الشاحنة.
ينفخ بانفعال مجيبًا:
- رجعنا مرة أخرى! أي أوراق؟!
يشير بسبابته في وجه السائق بغضب والشمس تسطع بقوة والعرق يتصبب منه:
- لا تتكلم معي بهذا الأسلوب!
- وكيف تريدني أن أكلمك؟
- أنا مسؤول في هذا الميناء.
يرد بنبرة تهكم:
- مسؤول عن ماذا؟
- مسؤول عن تخليص أوراق البضائع والتأكد من اجتيازها القوانين الجمركية.
- حسنًا... ماذا تريد مني؟
يصمت السائق لبرهة يحدق بأبي ماجد، يقطع أبو ماجد صمته بالقول:
- هيا لا تعطلني، أعطني الأوراق.
- اسمع ليس لدي أوراق!
- وما هذه البضاعة التي تحملها؟!
- بضاعة طلب أصحابها مني إيصالها إلى هنا!
يصيبه التوتر والقلق يتصبب عرقًا:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
يصعد إلى الشاحنة ويغلق الباب ويخاطبه بالقول:
- الآن ماذا تريد ؟!
- ارجع من حيث أتيت.
- عذرًا لا أستطيع يجب أن أسلم البضاعة!
يهز رأسه بغضب ويضع يديه على خاصرتيه:
- أي بضاعة يا هذا؟!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.