في المساء، وفي غرفة أبي ماجد وأم ماجد، وعلى مقعد طويل أمام السرير، أخذا يتبادلان أطراف الحديث بعد أن استعادت عافيتها من وعكة صحية جرَّاء ارتفاع السكري لديها:
- لقد أصابني الذعر وأنا أراكِ متعبة بالكاد تتحدثين.
- لا تقلق يا أبا ماجد. أنت تعرف صعوبة مرض السكري، ولم يصبني من الآن فقط، لكن منذ مدة طويلة وبخاصة بعد ولادة عادل.
- شفاكِ الله وعافاكِ، أسأل الله أن يُطيل عمرك ويشفيك.
- - الحمد لله يا أبا ماجد، الحمد لله على كل حال.
يشرد لبضع ثوانٍ وتنظر إليه متعجبة:
- ما بالك يا أبا ماجد؟! هل يوجد شيء ما يقلقك؟
- شيء واحد؟! بل قولي أشياء كثيرة.
- الظاهر أنك تفكر بالأولاد وبخاصة علي، يقلقك موضوع علي، أليس كذلك؟
- صدقتِ يا أم ماجد، ولكن...
- لكن ماذا؟ هل تواجه مشكلة في عملك؟
- آخ... مشكلة وأي مشكلة!
- أخبرني يا أبا ماجد؛ لقد أقلقتني.. لا تُخفِ عني شيئًا.
- لا أريد أن أحمِّلكِ فوق طاقتِكِ، يكفيكِ مرضكِ وهموم البيت.
- أنا أم ماجد، أم أولادك، إذا لم تفضفض بما في قلبك لي، فلمن ستبوح بهمومك ومشكلاتك؟
- مسؤولي في العمل -أبو ناصر- يريد مني أن أخالف ضميري وأحتال وأمشي في طريق الحرام!
- المدير جاسم يفعل ذلك؟! ألم تقل لي إنه شخص جيد ويساعدك في أمور العمل؟!
- المصلحة.. يريد أن يحقق مآربه الخاصة.
- - كيف ذلك؟ هل يريد منك أن تسرق وتزوِّر؟!
يهز رأسه بالإيجاب:
- - نعم، يريد ذلك للأسف.
تجيبه محذرة:
- إياك يا أبا ماجد.. إياك أن تُدخل مالاً حرامًا على أولادك.
- من الواضح أنه يريد أيضًا أمورًا أخرى.
- وما تلك الأمور؟!
- لا أستطيع أن أشرح أكثر من ذلك، يكفي نيته السيئة تجاهي.
- وإذا لم تنفِّذ ما يطلبه منك ماذا سيفعل بتصورك؟
- هذا ما يُخيفني. أخشى أن تكون نيته طردي من العمل!
- أيُعقل هذا؟! ألهذه الدرجة وصل به الأمر؟!
- وأكثر من ذلك.
- وهل يوجد أكثر من طردك من عملك؟!
- لقد حرَّض أبا سعد ليُقنعي بنواياه!
- أليس أبو سعد هذا الذي اتُّهم بالاختلاس منذ عام ثم فجأة أُغلق الموضوع؟
- - نعم هو أبو سعد بعينه! لا أعرف كيف أتخلص من هذه المشكلة يا أم ماجد! أنا في حيرة من أمري!
تتنهد بقلق:
- - نعم يا لها من مشكلة، احذر يا أبا ماجد أن تسلِّم رقبتك لهم؟
يرد بنبرة مطمئنة:
- لا تخافي يا أم ماجد، استعيني بالله واطمئني.
ترفع يدها بالدعاء:
- الله يحفظك يا أبا ماجد ويكفيك شرهم.
- آمين.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.