أبو عبد المحسن يجلس على الكنبة ومقابله يجلس أبو ماجد، الوقت بعد أذان العشاء بساعة النافذة مفتوحة على مصراعيها الستائر على جوانبها ونسمات الخريف تداعبها بهدوء، ينظر أبو عبد المحسن إلى أبي ماجد قائلًا:
- أنت تعرف يا أبا ماجد لماذا جئت إليك.
- نعم أعرف... لكن ليس بيدي شيء!
- توكل على الله أنا أريد أن أصلح بينك وبين ابنتك سعاد.
- أي صلح هذا؟! لقد اختارت زوجها وفضَّلته علينا نحن أهلها من تعبنا وصرفنا عليها حتى كبرت وحصلت على عمل! وآخر الطريق تنحاز لزوجها الغريب! وتعطيه راتبها وهو المسؤول عن الإنفاق عليها، وتقطعه عنا ونحن بأشد الحاجة إلى مساعدتها.
يجيبه بهدوء:
- لا بأس يا أبا ماجد تبقى ابنتك وتبقى جاهلة تحتاج إلى من يرشدها ويوجهها.
ينفعل:
- هذه جاهلة من تعلمت ودرست واشتغلت! لا هي تعرف ما تفعل لكنها خافت أن يطلقها ونخرب بيتها... لم تكن متعشمة أن تتزوج!
- صلِّ على النبي يا أبا ماجد.
- عليه أفضل الصلاة والسلام.
يصمت لثوانٍ:
- ها ماذا قلت؟ هل أخبر صهرك بأنك موافق.
يرد بفتور:
- ليس بعد انتظر... نحتاج إلى وقت للتفكير، والذي فيه الخير يقدمه الله.
يردف:
- اشرب قهوتك يا أبا عبدالمحسن... وإن شاء الله خير.
بعد ساعة أبو ماجد جالسًا على الكنبة ساهمًا يفكر وصينية القهوة ما زالت على الطاولة... تدلف أم ماجد مستفسرة:
- ها يا أبا ماجد ما الذي قاله أبو عبدالمحسن؟!
- لا شيء سوى الذي نسمعه دائمًا، سعاد تريد أن تتصالح معنا.
- وكيف ذلك وهي من اختارت زوجها وفضلته علينا!
- لا تقلقي... المهم قلت له ما ينبغي أن يعرفه ويبلغه لهم.
أبو عبد المحسن يهاتف أبا عبد اللطيف بالقول:
- كما قلت لك يريدون وقتًا للتفكير.
يجيب بنبرة متهكمة:
- وهل يريد المرء وقتًا ليتصالح مع ابنته لحمه ودمه!
- المهم هذا ما قاله لي، ودعنا ننتظر.
- حسنًا سأبلغها... جزاك الله خيرًا يا أبا عبدالمحسن.
في صبيحة اليوم التالي أم عبد المحسن تجلس على الكنبة وتجلس بجوارها أم عبد اللطيف تبادرها بالقول:
- والله يا أم عبد اللطيف أحببت أن أخبرك عن موضوع الصلح بين سعاد وأهلها.
- أعرف من غير أن تقولي! لم يوافقوا على الصلح أليس كذلك؟
- ليس بالضبط كما قلت ولكن يريدون فرصة للتفكير، فالأمر ليس سهلًا عليهم، ابنتهم وهي مازالت عروس تختلف معهم لأجل المال!
- حقيقة ما عندي ما أقوله! هل يريد الأهل فرصة للصلح مع ابنتهم، والله ابنتي أمل لو مهما حدث بيننا وبينها لا نقاطعها أبدًا، ما بالك يا أم عبد المحسن هذه ابنتي فلذة كبدي...
تطرق هنيهة مستطردة:
- دعينا منهم هؤلاء الناس لا يقدرون أحدًا، قلوبهم قدت من صخر!
في المشفى وفي غرفة الممرضات تجلس سعاد وبجانبها إيمان تنظر إليها بكدر:
- هل تعلمين يا إيمان أنني حامل!
- وماذا في ذلك مبارك يا عزيزتي، وهل هذا خبر يجعلك حزينة وأنت تقولينه!
تتنهد بعمق:
- أنت تعرفين ما أعانيه من مشكلات بيني وبين أهلي وأهل زوجي أيضًا.
- توكلي على الله يا سعاد، لا تدرين لعل حملك فيه الخير.
- ونعم بالله.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.