رواية "أسير في جحيم العظمة".. روايات عربية ج1

الفصل الأول: الفرحة الموءودة

المكان: كوكب Mocok

الزمان: ليلة زفاف الأمير شينغ والأميرة كاناريا - ليلة ولادة لونا زوجة هان

في بقعة مظلمة من كوكب Mocok، كان هناك اجتماع لأحد قواد جيوش التحالف خلال الحرب السابقة "سومان 65 عامًا"مع أتباعه.

كان سومان يحضر نفسه للاجتماع في مكتبه عندما دخل مستشاره يوماك قائلاً "سيدي كل شيء جاهز".

ابتسم سومان بخبث هامسًا "هذا جيد"، ثم ربت على كتف مستشاره الذي بدا متوترًا بشدة وقال:

-"لا تقلق... سننجح".

عندها قال المستشار بصوت غزاه القلق:

-"لكن هناك أمر يشغل بالي يا سيدي".

عاد سومان ليضجع على كرسيه الفخم واضعاً قدمًا على قدم وقال بنبرة ساخرة:

-"قل... لا تخف... لن أقتلك إن تكلمت"

أنهى جملته تلك بضحكة متوحشة جعلت بدن يوماك يقشعر من الفزع، لكنه تمالك نفسه ولم يظهر توتره لسيده وقال:

-"أنت حقًا تخطط للانقلاب على الأمير هان؟"

رفع سومان حاجبيه مستغرباً السؤال ليقول:

-"ماذا تقصد؟... هل كنا نغني في الطاحون هناك؟... أم أنك تفكر بعصياني؟"

كانت العبارة الأخيرة عبارة عن سؤال استنكاري جعل يوماك يزدرد لعابه بصعوبة قبل أن يقول: "بالتأكيد لا يا مولاي.. لكن أنت تعرف أنه عضو من فرقة الحراس، وإن حصل أي شيء له فإن فرقة الحراس ستكون هناك خلال دقائق... وعندها ستفشل مهمتك... يا سيدي".

لم يُجبه سومان سوى بابتسامة خبيثة جعلته يقول: "سيدي أنت!"

أومأ سومان قائلاً بنبرة لاذعة:

-"لقد فهمت إذن... نعم هدفي ليس الانقلاب على هان بالذات ولكن هدفي هو قسم ظهر فرقة الحراس، وتقليل عددهم قدر الإمكان، وبالحوادث التي سيفتعلها رجالنا في الكواكب الأخرى، ومع عجز الفرقة عن التحرك فإن الجميع سيفقدون ثقتهم بالفرقة وسنعود إلى بداية اللعبة وعندها سنحصل على الفرصة الذهبية بالسيطرة على هذه المجرة... كما كنا سابقاً".

ثم جلجلت ضحكته القاسية القذرة في أنحاء المكان لتنذر بعواصف قد لا تندثر بسهولة..

بل قد يكون أثرها عميقاً لا يمحا بأي شكل...

المكان: كوكب Libal

الزمان: في ذات الوقت.

كانت الزينة منتشرة في الأرجاء والجميع منشغلون بالإعداد لزفاف الأمير شينغ من الأميرة كاناريا والسعادة تكتنف القلوب بزواج فرد جديد من فرقة الحراس، كان أعضاء الفرقة يساعدون في تزيين القصر للزفاف الموعود ليحدق ليون بهم قائلاً:

-"هيا يا شباب... سيبدأ الزفاف وأنتم لم تنتهوا من وضع الزينة... هيا أسرعوا". لكن الفتيان المنشغلين في النقاش على المخططات فلم يسمعاه ليهتف هاك بانفعال:

-"مخططي هو الأفضل".

لكن كينغ قال مشيراً لمخططه بفخر "بل مخططي".

لحظات مرت قبل أن يهبط ريتشارد قائلاً بضجر:

-"كفاكما ثرثرة وأنهيا التزيين... هيا".

لكن هاك التفت إليه مشيراً إلى المخطط الخاص به: "أخي.. قل الصدق.. أليس هذا التصميم أجمل من ذاك؟"

مط ريتشارد شفتيه باشمئزاز قائلاً:

-"كلاهما قبيحان، لكن هذا ليس مهماً.. أنهيا الأمر قبل أن يصل الضيوف".

عندها قفز كينغ معترضاً

-" لا تقل هذا يا أخي لقد سهرت طوال سبع ليال وأنا أعمل على تصميمه..."

-"ولمَ لمْ تنجزه في النهار يا فالح؟"

قالها ريتشارد بسخرية جعلت كينغ يتحمص من الإحراج ليتقدم نوى منهم قائلاً:

-"ما الأمر؟ لقد أنهينا إعداد العربة... أين الزينة؟"

-"وصالة الضيوف جاهزة... ما هذا؟ ألم تنتهوا من زينة قاعة الزفاف للآن؟"

قالها سام وهو خارج من الصالة ليتبعه سيمون قائلاً:

-"هل تنوون تزيينها بعد نهاية الزفاف؟"

كان الأطفال يركضون في المكان ويلعبون حتى أن جلبتهم غطت على ما يحدث مما جعل ريتشارد يصرخ:

-" كيم... يا أولاد... تعالوا هنا... هيا".

جاء الأولاد إلى ريتشارد بذات الجلبة ليقول كيم بصوت لاهث" نعم أبي...".

"-لا تلعبوا هنا... هذه ستكون صالة زفاف عمكم، هذا إن انتهينا اليوم من الزينة" قالها ريتشارد وهو يرمق هاك وكينغ بنظرات ساخرة ليجيبه كيم بانفعال:

-"أعلم يا أبي.. لكن داني يبحث عن لارا ونحن نساعده".

"-لارا؟ إنها مع العروس... لِم تريدها؟" قالها ليون وهو يحدق في ساعته ليقول داني بنبرة معترضة:

-"لماذا دائماً تأخذون لارا؟ أريد أن أذهب أنا أيضاً".

عندها هبط هاك وجثة بجانب داني قائلاً برفق:

-"لأنها فتاة وجميع الفتيات مجتمعات هناك وأنت رجل لا يجب أن تجلس بين الفتيات.. على الأقل الآن".

تلك الكلمات جعلت ليون يضربه على رأسه قائلاً :" هل تريد إفساد الصبي؟"

فرك هاك رأسه متظاهراً بالتألم قبل أن يقول: "أنا أمزح يا أخي"، ثم التفت إلى الأولاد قائلاً:

-"على أي حال ما رأيك بأمر أجمل من هذا أن تساعدونا في زينة الزفاف، ما رأيكم؟"

عندها قفز الثلاثة بسعادة وهم يهتفون: "نعم.. سنزين.. سنزين".

لكن ريتشارد اعترض قائلاً:

-" نحن نريد الانتهاء قبل بدء الزفاف وليس في السنة القادمة..".

ليقول له هاك وهو يظهر عضلات ساعده القوية بتباهٍ:

-" لا تقلق يا أخي فالبرق معكم..."

لكن ريتشارد علق ساخراً: "لم أر شيئاً سوى سلحفاة عجوز.. ولا تتحرك أيضًا".

-"هيا يا أولاد لنري العم ريتشارد قوتنا... هيا"

قالها هاك بحماس ليوقفه كينغ مستهجناً:" لكننا لم نحدد التصميم المختار".

تنهد ليون بضجر: "عدنا مجدداً".

اقرأ أيضًا رواية "لعبة الحب"

عندها اقترح سيمون أن يختار الأطفال التصميم، وبالفعل بقي الأطفال يحدقون بالتصميمين لبعض الوقت قبل أن يتجمعوا للتشاور همساً، عندها قال سام باستسلام: -"رائع... سنقيم الزفاف غداً على هذه الحال".

لكن ما هي إلا لحظات حتى وقف داني قائلاً "لقد قررنا".

اختار الفتيان تصميم كينغ الذي قفز فرحاً:

-"هولي... هولي... لقد انتصرت..."
ليطلق هاك بائسة:"أنا سيئ الحظ حقاً، دعوتهم، فسحبوا الغطاء من تحت قدميّ
".

لكن ما هي إلا لحظات حتى جهز الشباب أنفسهم وفردوا أجنحتهم وطار كل من هاك وكينغ في المكان، وهمّوا بتزيين الصّالة، ثمّ حملوا الأطفال ليضعوا النّجوم والأزهار في أماكنها.

وخلال نصف ساعة كانت الصّالة جاهزة تماماً ليقول هاك بفخر:د

-"عمل رائع، والآن يجب أن تجهزوا أنفسكم، هيا أسرعوا قبل أن تفوتكم كعكة الزّفاف.. هيا".

-"طالما أنّ كلّ شيء جاهز فلنذهب لرؤية العريس"

قالها ليون بابتهاج ليتنهد سام كعاشق متيم: "هذه الأجواء تشعرني بالحماس"

عندها قال ريتشارد:

-"اخفض صوتك قد تسمعك نيرا وحينها"

ثم أشار إلى عنقه بالقطع ليستدرك سام:

-"لم أقصد هذا... أقصد أنني تحمست لأجواء الفرح".

ليبادره ليون قائلاً بنبرة مازحة:

-"قد يُفهَم كلامك بشكل آخر"، فقال نوى بارتباك:

-"في الحقيقة لقد فهمته على هذا النحو، وسألت لماذا أخي يفكر بالزواج وهو متزوج؟"

تلك الكلمات جعلت سيمون يقول بخجل: "لقد فكرت بالأمر نفسه".

ضحك سام قائلاً: "مجموعة من الأشرار، وأنت يا هاك بم كنت تفكر؟"

لكن هاك كان يسير معهم بجسده فقط لكن عقله كان في مكان آخر، ليدفعه ريتشارد قائلاً: "هيه يا ولد... أين أصبحت؟"

التفت هاك إليهم قائلاً:"آه .. ما الأمر؟"

عندها قال له ريتشارد ممازحاً: "كنا نقول متى تنوي الزواج؟"

ليطلق هاك تنهيدة عميقة جعلت الجميع ينفجر من الضحك وهو يتأمل النجوم بتلك النظرات الحالمة قائلاً: "متى يا ترى؟ متى؟"

فتح ليون الباب ليقول:

-"كيف حال عريسنا؟"

كان شينغ قد تحضر للزفاف وقد بدا بأبهى حلة مع تلك البدلة الرسمية الفضية الأنيقة وتلك العروق الزرقاء التي تزين قبة القميص الأبيض، وربطة العنق البيضاء المزركشة بمزيج فاتن من الأزرق الفيروزي والفضي اللامع والتي تناسقت مع لون بشرته الشاحب ومقلتيه الفضيتين الأخاذتين، وجناحيه البيضاوين المشوبين بزرقة سماوية مبهرة.

مما جعل ريتشارد يصفّر بإعجاب:

-"يبدو أن الزواج يجعل الناس أجمل، يجب أن تفعلها يا هاك".

لكن هاك قال بابتهاج:

-"أنت رائع حقاً.. يا أخي"

عندها همس شينغ بصوت مرتعش وهو يداعب خصلات شعره اللجية بارتباك شديد "حقاً؟".

ليربت سام على كتفه بلطف قائلاً بفخر: "نعم.. تبدو عظيماً"

عندها قال نوى باستغراب:"لم تبدو متوتراً هكذا"؟

ليجيبه هاك بتعاسة مصطنعة:

-"كلهم كانوا هكذا في ليلة زفافهم، وبعدها يعودون كما كانوا، وكأنك يا أبا زيد ما غزيت"

تلك الكلمات جعلت ريتشارد يشده من أذنه قائلاً :"ماذا تقصد يا ولد؟ ها؟"

فقال هاك متملصًا :" لا شيء.. ألم يتأخر هان؟"

-"لا بد أنه مع لونا.. فالليلة هي الليلة الموعودة"

قالها ريتشارد قبل أن يربت على كتف ليون الذي بدا عليه القلق مردفاً:

-" لا تقلق، ستكون بخير، إنها لونا أقوى فتيات المجرة"

ثم أتبع جملته بعبارة مازحة لم يدرك أنها ستتحقق:" ثم إنها لن تذهب إلى أي مكان، يمكنك الاطمئنان عليها غداً، لن تهرب، هيا بنا، فالزفاف على وشك البدء... هيا".

في غرفة العروس كانت الفتيات يساعدن كاناريا في التزين لتهتف ماريا بابتهاج:

-"أوه.. تبدين رائعة جداً يا كاني..."

كان مجرد التحديق بها كافياً لجعل نيرا تقول بشوق:

-"لقد أشعلت قلبي يا كاني..."

عندها ضحكت آنا مازحة:

-"ماذا تقولين؟ أين سام ليسمعك؟"

فاستدركت نيرا بارتباك:

-"لم أقصد هذا بل قصدت أنني أتمنى أن أعود عروساً مرة أخرى... شعور رائع".

عندها قالت لارا الصغيرة لأمها:

-"وأنا أريد أن أصبح عروساً يا أمي"

لتهبط إليها أمها قائلة بحنان:"أنت عروس دائمًا يا حلوتي".

للحظات كادت الدموع أن تغزو مقلتي ماريا الفضيتين الساحرتين لتقول:

-"كم تمنيت لونا معنا اليوم"

عندها قفزت نيرا معترضة:

-" ماريا... توقفي ستجعلين العروس تبكي وتخربين عملنا كله".

مسحت ماريا دمعة كادت تسقط من مقلتها:"أنا آسفة جداً..."

لتتنهد آنا قائلة: "المهم أن تخرج بصحة جيدة... ويكون الأطفال بخير"

فقالت كاناريا "سأحادثها..."

لكن آنا قالت بحزم: "هذا مستحيل، إن تكلمت معها ستبدئين بالبكاء وهذا ممنوع... سنطمئن عليها غداً".

المكان: كوكب Nonka

الزمان: في ذات الوقت.

في كوكب Nonka حيث يعيش الأمير هان والأميرة لونا التي كانت تصارع آلام المخاض في الأيام الأخيرة من حملها لذا لم تتمكن من الذهاب إلى زفاف شينغ.

ليقول لها هان وهو يقبل يدها بخوف متعشق بالحب الذي لطالما كان ألق حياتهما:

-"هل ستكونين بخير؟"

لكنها ابتسمت له محاولة إبعاد نظرة الحزن عن مقلتيه الخضراوين كغابة السنديان مداعبة خصلات شعره الأشقر اللامع قائلة:

-"لا تقلق علي يا عزيزي، سأكون بخير، يجب أن تحضر زفاف صديقك، كما أن أمي هنا معي... هيا اذهب".

عندها قالت والدة لونا مطمئنة إياه:" لا تقلق عليها سأعتني بها جيدًا، لا تتأخر على شينغ".

رن هاتف هان ليفتح الخط قائلاً "مرحباً أخي".

كان ليون هو المتصل فقال:

-"هل ستتأخر؟"، ليجيبه هان "لا أنا قادم" فسأله ليون:

-"كيف حال لونا"؟

-"يبدو أنها ستلد قريباً... هل تريد أن تكلمها؟"

قالها هان بارتباك شديد ليجيبه ليون بصوت حاول أن يجعله طبيعياً قدر المستطاع "من فضلك".

قدّم هان الهاتف للونا التي رسمت على ثغرها الوردي المرتعش ابتسامة مشجعة لتقول بنبرة حاولت جعلها قوية:

-"مرحباً أخي"

ليقول لها ليون وهو يتأمل ملامحها الجميلة المرهقة:"كيف حالك"؟

-"أنا بخير"

أجابته بابتسامة متسعة لم تبعد القلق عن وجهه الحنطي الجاد لتكمل قائلة بنبرة مازحة :

-"أخي... هل تعلم؟ لقد قال الطبيب أن ابني سيكون نسخة مني، وهان حزين مذ ذلك الوقت"

رفع هان حاجبيه مستنكرًا وهو يرد بسرعة وهو يجلس بجانبها:

-"بل على العكس هذا أجمل خبر حصلت عليه".

ثم أردف وهو يمسك يدها مقبلاً إياها بعشق لا يوصف:"كيف لا أفرح بأنني سأكون أباً لأجمل فتى في المجرات كلها؟ المهم ألا يشبه خاله"

أنهى هان جملته بنبرة مازحة ليقول ليون بنبرة مازحة متصنعاً الغضب:

-"وما به خاله.. ها؟ أليس أفضل رجال المجرة؟"

ليمط ريتشارد شفتيه ساخراً وهو يسمع حوارهم قائلاً: "نِعم الأب والخال".

ليلتفت ليون إليه قائلاً:

-"من الواضح أن هان كان يقصدك أنت ولا يقصدني".

لكن ريتشارد رد بجدية :"أنا عم الفتى ولست خاله"، ليفتح ليون ثغره مندهشاً قبل أن يتدخل هاك ويقول:

-"اعذرينا يا لونا، هنا أصبحت حرب الأنساب تتقد، لكن ريتشارد كان يقصد أنه يعتبرك حبيـ...."

لكن ريتشارد أغلق فمه بسرعة وارتبك قائلاً:

-" كيف حالكِ لونا، سأزوركِ في الغد بكل تأكيد"

لتبتسم لونا وتداعب خصلات شعرها البني الملتهب بحمرة خفيفة في أطرافه وتقول بنبرة مستمتعة مشوبة بشيء من الحزن:

-"أعتقد أنني سأشتاق لهذه المهارات اللطيفة كثيراً"

ليسألها هاك باستغراب:

-"لماذا تقولين هذا؟"

لتجيبه لونا مستدركة :

-"لأنني سأكون مشغولة في رعاية الأطفال"

ليردد هاك:"الأطفال!... الأطفال!... هل أنتِ حامل بتوأم؟"

أنهى هاك جملته ممازحاً لتومئ لونا بالإيجاب عندها دفعه ليون مستنكراً:

-" كيف لا تقولين لي هذا؟ سأصبح خالاً لطفلين؟"

لكن هان ابتسم قائلاً :

-"بل لطفل وطفلة"

صفر ريتشارد بإعجاب قائلاً :"إنها ضربة معلم..أحسنت يا أخي".

في تلك اللحظة تدخل كينغ وسألها بحماس:

-"هل اخترت أسماء لهما؟ هناك أسماء رائعة في رأسي، لنسمي الفتاة سوزن، إنه اسم رائع... صحيح لونا؟"

تألقت مقلتا لونا لتقول بإعجاب:

-"إنه اسم لطيف حقاً... ها.. هاك... قل لي ماذا تريد أن نسمي الطفل؟"

ابتسم هاك لتتقد خصلات شعره النارية ويقول بنبرة متعجلة:

-"أنا.. أنا... سأسميه هاك"

لكن ليون ضربه على رأسه قائلاً :

-"أيها المتحاذق... ليس الحق عليك بل على من طلبت منك أن تعطي اسماً".

لتضحك لونا قائلة :

-"لا بأس.. لا بأس.. أنا فكرت باسم أعتقد أنك ستحبه، جين.. ما رأيكِ؟"

اقرأ أيضًا انا احب اختي ولكنها تكرهني

صمت هاك وبدأت خصلات شعره النارية بالتطاير بشكل عشوائي ليقول وعيناه الذهبيتان قد تألقتا:"إنه اسم رائع".

لكنه استدرك بعدها ليحدق بلونا مندهشاً :

-"لكن كيف عرفت أنني سأختاره؟"

لتغمزه لونا قائلة "هذا سر بيننا".

اتسعت ابتسامة هاك ليقول بابتهاج :

-"أختي العظيمة التي تقرأ الأفكار"

ليكمل بنبرة قلقة:"لكنكِ تبدين شاحبة جداً..أنتِ بخير صحيح؟"

لتجيب لونا بابتسامة لطيفة:

-"أنا بخير... لا تقلق عليّ... أين العريس دعني أبارك له "

قالتها لونا ليبتسم ليون قائلاً وهو يمرر الهاتف لشينغ:

-"ها هو بجانبي".

وما إن وقعت عيناها عليه حتى قالت :

-"ما هذا الجمال كله يا دونغ تبدو رائعاً.. يا لحظ كاناريا بك..."

تورد وجه شينغ ليقول:

-"شكرا لكِ يا لونا".

-"أنا آسفة حقاً لأنني لن أتمكن من حضور زفافكِ... أبلغ تهانيّ لكاني"

ليقول شينغ:

-"لا عليكِ... المهم أن تعودي إلينا بالسلامة".

أنهت لونا مكالمتها ليدخل الطبيب قائلاً:

-"غرفة العمليات جاهزة يا سيدي"

فقال له هان:"اهتم بها جيداً"، ليبتسم له الطبيب مشجعاً :"بالتأكيد يا سيدي"

وقبل أن تدخل لونا غرفة العمليات تقدّم منها مقبلاً ثغرها المرتعش بعمق قبل أن يقول لها: "لن أتأخر"

فهمست بصوت مرتعد لم يسمعه من قبل:

-"أنا أحبك... يا عزيزي"

ابتسم لها مشجعاً نفسه قبلها ليقول لها بعشق مسطر بين كل حرف:

-"وأنا لا أرى غيركِ يا حلوتي... كوني قوية كما عهدتكِ".

بعدها غادر هان إلى كوكب ليبال وقلبه معلق بما يحصل في قصره، لكن وفي منتصف الطريق استوقفته مجموعة من الحراس ليخرج مستغرباً:

-"ما الأمر؟"

عندها ظهر سومان قائلاً بغرور:

-"لقد حان وقتنا"

ليشد هان على سيفه قائلاً: "ماذا تعني يا سومان؟"

فأجابه سومان بنبرة هازئة:"ما هو الأمر الذي لم تفهمه أيها الأمير؟"

ثم أتبع جملته قائلاً بتكبر:

-"الأمر واضح نحن نريد أن نستعيد ما هو ملك لنا... كيف لدخيل على مجرتنا أن يصبح حاكما لنا"؟

-"لكن الشعب هو من اختارني أنا لم أفرض نفسي على أحد"

قالها هان بثقة ليطلق سومان ضحكة محتقرة قبل أن يقول:

-"الشعب أي شعب؟... والآن؟"

وبإشارة منه أشهر الحراس سلاحهم اتجاه هان الذي قال:

-"أنا أحذركم... لا أريد إيذاء أحد منكم"

فقال سومان ساخراً:

-"وكأنك تستطيع"

لكن وبلمح البصر كان الحراس قد سقطوا أرضًا وأصبح سلاح هان يطوق عنق سومان:

-" مهما يكن فأنا عضو من فرقة الحراس يا سومان".

ابتسم سومان بخبث:"لن تستطيع قتلي فزوجتك في يدي"

ارتخت يد هان عند سماع هذا الكلام ليقول بصوت منتفض كضربات قلبه المتخبطة :

-"ماذا تقول أيها الوغد؟"

-"هناك من أرسلته لقتل زوجتك وطفلك القادم إن لم ترضخ لي"

قالها سومان بحنق امتزج بشماتة لا يمكن وصفها لا سيما عندما أخفض هان سيفه بسخط :

-"أيها الوغد الحقير".

وفي تلك اللحظة استغل سومان صدمة هان ووجه له طعنة قاتلة في صدره ليسقط الأخير أرضاً وقد ارتسمت على وجهه علامات الألم والذهول ليركله سومان بكل وحشية قائلاً بلؤم:

-"والآن ستموت بفضل سمي النادر، لكن لا تقلق على عائلتك، سأقتلهم بأي حال، فلا تحزن لأنك ستجتمع بهم قريباً".

غادر سومان مع رجاله تاركاً هان ينتفض من الألم بعدما بدأ السم ينتشر في كيانه انتشار النار في الهشيم، حاول النهوض لكنه جسده خانه لتتساقط قطرات العرق متلألئة من جسده المتفطر بالألم.

كاد أن يستسلم لعذاباته لكن صورة لونا جعلته يستجمع ما تبقى من قوته الخائرة ليتصل بليون الذي قال بعتاب:

-"أين أنت لقد تأخرت كثيرًا... لقد بدأ الزفاف".

لكنه ما إن رأى حال هان حتى ارتجف قلبه جزعاً فقال:

-"من فعل بك هذا يا صديقي؟ ما الذي حصل؟"

ليقول هان من بين شهقاته المختلطة بالدماء التي أخذت تتدفق من بين شفتيه:

-"أنقذ لونا والأطفال أرجوك..."

قال هان كلماته المتوسلة تلك ثم سقط بلا حراك ليصرخ ليون بفزع:

-"هان... هان".

كان ريتشارد يحادث بعض الضيوف عندما لاحظ خروج ليون بوجهٍ يقطر بالجنون فلحق به قائلاً:

-"ما الأمر إلى أين أنت ذاهب؟"

ليجيبه ليون إجابة مقتضبة لكنها جعلت الدماء تتجمد في عروقه:"إنهم في خطر".

لم يناقش بل تبعه دون أن يسأل عن التفاصيل فقد كانت تلك الكلمات كافية لجعل حدسه الذي كان يتجاهله طول الأيام الفائتة يتجلى أمامه بقوة، وكأن تلك الرؤيا التي استولت على تفكيره في الأسابيع الماضية قد تجلت أمام ناظريه:

اقرأ أيضًا نجيب محفوظ وحيز المكان الروائي في رواية السمان والخريف

-" الدماء في كل مكان... والجميع واقفون في لباس الحداد أمام خمسة قبور".

مجرد تلك الرؤيا جعله يقبض على قلبه بفزع، وما هي إلا لحظات حتى اجتمع الفتيان في المركز حتى شينغ الذي وبمجرد سماعه بما حصل حتى نهض من جوار عروسه.

لكنه عاد إليها وطبع قبلة متيمة على ثغرها قائلاً:

-"أرجو أن تعذريني، صديقي في خطر ويجب أن أذهب... الوضع خطير وإن لم أعد..."

لكنها وضعت يدها برقة على شفتيه وهمست:"ستعود لي بخير".

التفت ليون إلى زوجته قائلاً: "ماريا اهتمي بالأولاد إلى حين عودتنا.. لا تدعي أحدهم يغيب عن ناظريكِ"

ثم أردف قائلاً بسرعة:

-"سيمون ونوى وهاك ستبقون هنا... لا يجب أن نترك ظهرنا مكشوفًا مهما كان الأمر، من تهجم على هان في هذا اليوم بالذات فمقصده ليس هان وحده... هيا لننطلق".

وما هي إلا دقائق قليلة حتى وصلوا إلى الكوكب، فتوزعوا حيث ذهب ليون وشينغ وسام إلى القصر بينما هلع ريتشارد وكينغ إلى هان.

ارتعد قلب ريتشارد عندما وقعت عيناه على وجه صديقه الشاحب والذي بدا واضحاً إنه ينازع سكرات الموت ليجثو ريتشارد بقربه ممسكاً بيده ويقول بنبرة مشجعة:

-"تماسك يا صديقي أرجوك... ستكون بخير".

كان صوت هان الضعيف يشق طريقه بصعوبة من بين أنفاسه المتهالكة

-"الأطفال"، ليقول له كينغ وهو يفحص جرحه الغائر بقلق:

-"لا تقلق يا أخي، لقد ذهب الجميع لإنقاذهم سيكونون بخير... الآن اهدأ ودعني أعاين جراحك".

لكن هان ابتسم من بين آلامه هامساً بصوت واهٍ:

-" إنها النهاية يا أخي... كنت أتمنى رؤية لونا والأطفال قبل أن أرحل"

تلك الكلمات جعلت ريتشارد ينتفض قائلاً ودموعه الماسية تترقرق على وجنتيه:

-"لا تقل هذا أيها الأبله... ستنجو... ستنجو وستكون بخير".

-"أنا لم أرَ دموعك من قبل يا أخي"

قالها هان والدموع الحمراء تقطر من مقلتيه ليجيبه ريتشارد بصوت صارخ مذبوح:

-"ولن تراها مجددًا أيها الغبي، ستُشفى، وتعود كما كنت... هل تفهم؟ لا تستسلم".

كان كينغ يحاول علاج هان بكل طاقته لكن الأمر لم يتحسن ليقول بصوت مذبوح:

-"هذا لا ينفع"

لكن ريتشارد قفز إليه وشده من قميصه بعنف صارخاً كذئب سُلِب منه قطيعه:

-"ما الذي تقوله؟ حاول مجددًا".

عندها قال هان بصوت ازداد ضعفاً وهبوطاً :

-"لا فائدة يا أخي... لقد انتهى الأمر... لكن عدني أن تعتني بلونا والأطفال"

لم ينطق ريتشارد فأمسك هان يده بكل ما تبقى له من عزم وقال: "عدني".

فما كان من ريتشارد إلا أن شدّ على قبضة هان بقلب محطم مكسور مستسلم للحقيقة المرة وهمس"أعدك".

لتكسو ابتسامة رقيقة شاكرة وجه هان الشاحب قبل أن يختفي بريق الحياة من عينيه اللوزيتين وترتخي يده التي تمسك بها ريتشارد.

مرت لحظات قبل أن يضمه بقوة ويجهش في البكاء قبل أن تلتمع عيناها الفيروزيتان ببريق الغضب والأسى والجنون:

-"سأنتقم لك يا أخي مهما طال الزمن.. أقسم لك أنني سأنتقم".

حمله إلى شجرة قريبة ووضعه في ظلها قبل أن يغطيه بردائه ويغمض كينغ مقلتيه بأسى هامساً:

-" الوداع يا أخي".

في تلك الأثناء كان الشباب متجهين إلى القصر ليجدوا النار مضرمة في أرجائه وينتفضوا من الفزع، كانوا يبحثون في كل مكان قبل أن يشير سام إلى إحدى الغرف:

-"والدتك هنا... أنا أشم رائحة دمها تفوح بقوة"

لم يعقب بل انطلق ليون إلى الغرفة ليجد جثة والدته غارقة في دمائها، ضمها والدموع تأبى أن تخرج وتطفئ بعض نار قلبه ليصرخ بصوت مفجوع محترق "أمي".

كان موقفاً صعباً على الجميع فلم يستطع أيٌ من شينغ وسام التخفيف عن صديقهم بل كادا أن ينفجرا من البكاء من الحزن.

اقرأ أيضًا رواية يتيمة و لكن ...الفصل الأول

حمل ليون جثة والدته ووضعها على أحد الأسرة وأسدل الغطاء على ملامح وجهها الخائفة البائسة ثم قفز من مكانه كالمجنون :

-"لونا... أين لونا؟".

 لكن نظرات سام البائسة لم تبشر بالخير فهب إليه وهزه بعنف :

-"هل هي حية؟"

أومأ سام بالإيجاب مردفاً :

-"لكن ليس لوقت طويل... إنها قريبة من هنا".

انطلق ليون ليلحق به الشابان ويجدوها غارقة في دمائها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، ليهب إليها ليون حاملاً إياها بين ذراعيه قائلاً بلهفة :

-"لونا... لونا... أرجوكِ تماسكي يا أختي... ستكونين بخير"

لكنها قالت ومن بين أنفاسها المتحشرجة" هان... أين هان؟"

مسح ليون دموعه التي أخذت تنهمر كالسيل وقال مطمئناً:

-"إنه بخير... سيكون بخير لا تقلقي... المهم أن ننقذك"

لكنها قالت بوهن :

-"لا تتعب نفسك يا أخي... لقد انتهى أمري"

هز ليون رأسه رافضاً وقال بحرقة:

-"لا تقولي هذا... ستكونين بخير".

لكنها قالت بأنفاس متقطعة منهكة :

-"أرجوك يا أخي... اعتنِ بجين وسوزن... لقد أرسلتهم مع أمي والخادمة أرجو أن يكونوا قد هربوا بهم بعيداً، أرجوك اعتنِ بهما جيداً"

توقفت لونا عن الكلام لتسعل بقوة باصقة الكثيرة من الدماء قبل أن ينتفض جسدها بقوة وتشهق عدة مرات ليصرخ ليون بجنون:

-"لونا... إياكِ أن تموتي..."

كانت تريد أن تقول الكثير لكن الموت خطفها من بين يديه محطماً كل شيء كسيل جارف يبطش بكل ما يقف في طريقه.

توقفت أنفاسها وتبدد نور الحياة عن ملامحها الرقيقة ليجهش ليون بالبكاء بحرقة لا توصف لكن شينغ قال: "تمالك نفسك يا أخي.. يجب أن نبحث عن الأطفال".

-"لقد قالت إنهما كانا مع والدتك... لكن والدتك..."

قالها سام بغصة قبل أن يلتفت باتجاه أحد الممرات قائلاً:

-"أنا أشعر بها... إنها رائحة دماء الطفلين... إنهم يتحركون بهذا الاتجاه"

أنهى جملته وانطلق في الاتجاه الذي ذكره ليتبعه ليون متعثراً قبل أن يسنده شينغ.

انطلق الاثنان خلف سام ليجوا سفينة تنطلق خارجة من الكوكب لتتبعها عشرات المركبات المقاتلة والتي أخذت تطلق النار عليها بكل وحشية، ليفرد الثلاثة أجنحتهم ويحلقوا إليها.

كان ليون وشينغ يواجهون السفن المقاتلة بينما انطلق سام إلى السفينة مستخدماً أقصى طاقته، لكنه عندما وصل لم يجد سوى الخادمة منكمشة في زاوية السفينة وهي تضم طفلاً بين يديها لكنها وما إن رأته حتى ركضت إليه هلعة:

-"سيدي سيدي لقد قتلوا سيدتي لونا... لكنني هربت بالطفلة".

لكن سام قال بعصبية:

-" لكن أين الطفل الآخر؟"

لتجيبه الخادمة من بين دموعها المرتعدة:

-"الطفل مع مولاتي الملكة"

جن جنون سام ليصرخ في وجهها:

-"ماذا تقولين؟ لكننا لم نجد أي طفل معها"

لتسقط الخادمة مصعوقة من الخبر وتستمر بضم الطفلة بلهفة وأسى.

لم يفكر كثيراً بل حملها بين ذراعيه وانطلق باتجاه المركز ليتصل به ليون قائلاً "هل الأطفال بخير؟"

اقرأ أيضًا البلهاء الضاحكة

صمت سام قليلاً قبل أن يجيب:

-"لقد وجدت الطفلة وحسب... سأوصلها إلى المركز وأعود مع البقية"

وما إن أوصل سام الطفلة إلى المركز حتى انطلق بصحبة البقية إلى الكوكب للمساندة، لكنه وبمجرد عودته إلى هناك قال بنبرة فزعة "إنه سومان".

 التفت إليه ليون قائلاً "ماذا؟"، ليجيبه سام:

-"أنا أشعر بوجود سومان في مكان قريب"

وعندها قال ريتشارد الذي وصل في تلك اللحظة:

-"ذلك الحقير هو من قتل هان... أقسم أنني سأقتله... أين هو؟"

استخدم سام طاقته ناشراً إياها على كل الكوكب ليتمكن من إيجاد سومان قبل أن يقول "لقد وجدته".

قالها وطار مسرعاً ليلحقه ريتشارد وكينغ بينما بقي الآخرون يحاربون المركبات التي بدأت تتدفق كالسيل، وخلال لحظات كان كل من ريتشارد وسام وكينغ يحطون أمام مركبة محصنة ليقول سام "إنه هنا".

فهتف ريتشارد بحنق "سأدمر المركبة" لكن سام أوقفه قائلاً بشحوب "انتظر قد يكون بحوزته طفل هان".

جُن جنون ريتشارد وصرخ "حمقى"، ثم انطلق باتجاه المركبة التي بدأت بإطلاق النار عليه وهو يتجاوزها بسرعة هائلة.

فتبعه سام ببطء ووهن حتى كاد أن يصاب بنيران المركبة لكن كينغ أنقذه في اللحظة الأخيرة قائلاً :

-"لقد استهلكت الكثير من الطاقة... ابقَ بعيداً أنا سأذهب لمساعدته".

اقتحم ريتشارد المركبة وقتل الحراس لكنه لم يجد سوى يوماك فقال بحنق:

-"أين سومان الوغد؟"، تلعثم يوماك قائلاً "لا أدري".

-"سأقتلك أيها الحقير".

-"إن قتلتني... فلن تجده أبداً"

قالها يوماك بنبرة شابها بعض الثقة لكن ريتشارد تقدّم ليجهز عليه:

-"سأجده بأي حال..."

عندها انتفض يوماك من الخوف وقال بسرعة :

-"سأخبرك... سأخبرك...  لقد هرب عندما علم بملاحقتكم لنا".

-"إلى أين؟"

-"لم يخبرني... لكنه لم يبتعد كثيراً".

-"أين الطفل؟"

-"لا أدري لم يكن هناك أي طفل".

-"هل تكذب مجدداً؟"

-"لا... صدقني... لكنني سمعته يقول إنه قتل جميع أفراد عائلة هان".

ألقى ريتشارد به أرضاً واستدار ليخرج فاستغل يوماك إهماله وأخرج خنجره ليطعنه لكن كينغ الذي وصل في اللحظة الحاسمة أطلق عليه قبل أن يطعن ريتشارد ليقول الأخير بنبرة ملتهبة :

-"ذلك الوغد الغدار"، لكن كانغر سأله بلا مقدمات "أين سومان؟ والطفل؟"

-"إنه لا يعرف... يجب أن نجد سومان بسرعة "قالها ريتشارد خارجاً لتقع عيناه على جسد سام الهامد ليهرع إليه بفزع :"سام... سام... أجبني".

تحسس كينغ نبضه وقال: "إنه بخير... لكنه استهلك الكثير من طاقته"

عندها قال ريتشارد بحزم:"خذه إلى المركز... وأنا سأبحث عن ذاك الحقير".

لم ينتظر أي جواب بل انطلق وبدأ البحث عن مركبة سومان لكن دون جدوى، بدا وكأنه قد اختفى في العدم ليتصل سيمون قائلاً: "أخي... أين أنت؟"

-"ما الأمر؟"

-"هجمات حصلت في عدة كواكب... والقائد استدعى الجميع".

-"طالما أن الأمر انتهى فلم العجلة؟"

-"هناك أمر مهم يجب أن نقرره".

-"لن آتي قبل أن أجد سومان".

-"إنه في قبضتنا".

-"ماذا تقول؟ أنا قادم "

قالها ريتشارد بعجالة وانطلق إلى المركز ليجد سومان مكبلاً وسط القاعة والجميع يحدقون به بقلوب مشتعلة بالغضب بينما بقي ليون جالساً في صمت مرعب والشر يخرج من مقلتيه.

ليدخل ريتشارد هاجماً عليه كالمجنون:

-"أيها الوغد الحقير"، لكن نوى أوقفه قائلاً "توقف يا أخي".

مجرد رؤيتهم في تلك الحال جعلته يبتسم بنشوة قائلاً: "هل ودَّعت صديقك؟"

كاد ريتشارد أن يفلت من بين يدي نوى لكن ليون قال بنبرة آمرة حادة "كفى"

كانت تلك الكلمة كافية لجعل الجميع يهدؤون بمن فيهم ريتشارد ليصفر سومان بسخرية "أوه القائد الحكيم غضب".

اقرأ أيضًا سأتزوجك رغم أنفك .. ( رواية قصيرة )

لم يدرك سومان ما أصابه لكنه شعر بالنار تلهب وجهه قبل أن يسقط ليردد ليون بحنق "قلت اخرس"، قفز ريتشارد وصرخ بقلب مشتعل "أين الطفل أيها الوغد؟"، ليمط سومان شفتيه قائلاً "أي طفل؟"

-"طفل هان"

-"أوه تقصد الرضيع الذي حاولت تلك العجوز الخرقاء حمايته؟"

قالها سومان بلؤم قبل أن يتابع وابتسامة شاتمة كست محياه:

"لقد ضربت المركبة التي وضعته فيها... ثم... بوووم... أعتقد أنه أصبح أشلاء في هذا الفضاء... إنه الأول فقط"

لكن ضربة من ليون بسوطه الخفي جعلت تلك الملامح الشماتة تختفي عن وجهه القبيح ليقول: "خذوه من هنا".

وعلى الرغم من إيقافهم للمشاكل التي حصلت لكن الأمر كان قد تفشى بسرعة وانتشرت الأخبار:

-"فرقة الحراس أصبحت عاجزة عن حماية السلام العالمي بموت أحد أعضائها"

في تلك الأثناء كان الشباب يحاولون البحث عن الطفل في كل مكان من المجرة دون جدوى؛ حتى إنهم لم يجدوا جثته أو أي أثرٍ يدل عليه.

كان سام منهاراً كلياً فتم نقله إلى مركز المعالجة ثم تبعه البقية للعلاج وقلوبهم قد أدميت من الحزن، ليتنهد هاك بحيرة: "ماذا يجب أن نفعل؟"

شد ريتشارد على قبضته بغضب قائلاً:

-"لقد خذلنا هان حياً وميتاً... لقد خذلناه... يبدو أننا ضعفنا فعلاً"

لكن نوى قال بحزن "لا تقل هذا يا أخي... من كان يعلم بأن كل هذا سيحصل؟"

-"لقد خسرنا هان ولونا ووالدتها وطفلها في ضربة واحدة... ماذا تسمي هذا... أليس ضعفاً؟"

قالها ريتشارد بحسرة ليقول ليون: "جين"

فسأله ريتشارد "ماذا؟"

ليجيبه ليون بحدة :

-"إنه الاسم الذي اختارته لونا لابنها... لذا لا تقل له طفل.. ثم إنك لم تخسر شيئاً هل فهمت... لم تخسر".

أخفض سيمون رأسه بأسى وقال:

-"إنه محق صحيح أننا خسرنا هان... لكن القائد خسر عائلته كلها أيضاً..."

تلك الكلمات جعلت ريتشارد ينكس رأسه معتذراً "أنا آسف".

ليتنهد ليون قائلاً:

-"لا تعتذر... أنت لم تخطئ... لكن ما حصل..."

توقفت الكلمات في صدره ليقول هاك محاولاً إخراجه من حزنه :

-"صحيح... ما اسم الطفلة؟"

ابتسم ليون بحرقة لتتألق عيناه اللجيتان بالدموع "سوزن".

-"إذن جين مات..."

قالها نوى متأسفاً ليقاطعه ريتشارد بنبرة قاطعة "لا"

ليلتفت إليه ليون بلهفة "ماذا تقصد؟... هل هي رؤيا أتتك؟"

لم يجبه بل أخذ يحدق بالأفق من النافذة قبل أن يقول:

-"طالما أنه ابن هان ولونا فلن يموت بتلك السهولة حتى لو كان رضيعاً وسيأتي اليوم الذي نجده فيه".

وهناك في الفضاء الشاسع اخترق شهاب أزرق أجواء مجرة درب التبانة؛ فما هي القصة؟ وهل مات جين فعلاً؟

وماذا سيحصل مع الفرقة بعد تزعزع الثقة بهم؟

وهل سيتمكنون من استعادة ثقة الناس بهم؟

هذا ما سنعرفه في الفصول القادمة...

يتبع...

 اقرأ أيضًا

-رواية أنا الملكة لم اعد فانيه - الحلقة الأولى

-قراءة في رواية "صاحب الظل الطويل"

 

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
يونيو 7, 2023, 4:38 م - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 7, 2023, 3:49 م - أحمد دحو أحمد
يونيو 7, 2023, 2:21 م - د. نهلة محمد محمود
يونيو 7, 2023, 11:34 ص - هبة محمد احمد القاضي
يونيو 7, 2023, 11:24 ص - محمد محمد صالح عجيلي
يونيو 6, 2023, 10:59 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 6, 2023, 8:35 ص - فادي الحلاق
يونيو 6, 2023, 6:59 ص - أحمد محمود أبراهيم
يونيو 5, 2023, 4:24 م - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 5, 2023, 2:49 م - وليد فتح الله صادق احمد
يونيو 5, 2023, 12:29 م - آسيا نذير القصير
يونيو 5, 2023, 10:34 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 4, 2023, 2:24 م - احمد ايت علال
يونيو 4, 2023, 11:23 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 3, 2023, 5:50 م - رايا بهاء الدين البيك
يونيو 3, 2023, 5:27 م - محمد عبد القادر نوفل
يونيو 3, 2023, 11:11 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 3, 2023, 10:26 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
يونيو 2, 2023, 3:11 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 31, 2023, 12:55 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 31, 2023, 8:29 ص - أميرة أبو ماضي
مايو 30, 2023, 2:20 م - إبراهيم عبد المجيد
مايو 30, 2023, 1:34 م - د . محمد جمعة أحمد
مايو 30, 2023, 10:48 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 29, 2023, 1:57 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 29, 2023, 9:47 ص - عوض شرار
مايو 28, 2023, 7:39 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 28, 2023, 2:33 م - أسماء محمد حمودة
مايو 28, 2023, 12:20 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 27, 2023, 5:29 م - أسماء محمد حمودة
مايو 26, 2023, 8:02 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 26, 2023, 1:53 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 25, 2023, 11:51 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 25, 2023, 7:05 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 24, 2023, 7:57 ص - احمد ايت علال
مايو 23, 2023, 7:15 م - أسماء محمد حمودة
مايو 23, 2023, 12:40 م - محمد محمد صالح عجيلي
مايو 23, 2023, 7:57 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 22, 2023, 2:58 م - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 22, 2023, 11:31 ص - محمد محمد صالح عجيلي
مايو 22, 2023, 8:17 ص - حسام طرميز
مايو 21, 2023, 4:42 م - ياسر عبدالحميد محمود سلطان
مايو 21, 2023, 3:43 م - وفاءعبدالمعبود
مايو 21, 2023, 3:34 م - ايمن عبد المنعم محمد موسي
مايو 21, 2023, 7:57 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 20, 2023, 7:15 م - محمد بخات
مايو 20, 2023, 2:33 م - ياسر عبدالحميد محمود سلطان
مايو 20, 2023, 8:27 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 19, 2023, 7:42 م - عبدالمجيد ايت اباعمر
مايو 19, 2023, 3:31 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 19, 2023, 1:32 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 18, 2023, 10:31 ص - اسيل ممدوح لمع
مايو 18, 2023, 7:24 ص - وفاءعبدالمعبود
مايو 17, 2023, 8:58 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 17, 2023, 8:42 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 17, 2023, 11:46 ص - جوَّك آداب
مايو 17, 2023, 9:29 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 16, 2023, 7:20 م - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
مايو 16, 2023, 1:49 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 16, 2023, 9:30 ص - سارة الانصاري
مايو 16, 2023, 9:03 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 15, 2023, 5:25 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 15, 2023, 3:14 م - عبد الرحمن الكرد
مايو 15, 2023, 12:40 م - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 15, 2023, 8:56 ص - وفاءعبدالمعبود
مايو 15, 2023, 8:53 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 14, 2023, 4:04 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 14, 2023, 9:27 ص - آية فرج زيتون
مايو 14, 2023, 8:55 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 14, 2023, 8:18 ص - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
مايو 13, 2023, 1:25 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 13, 2023, 12:21 م - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 13, 2023, 9:40 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 12, 2023, 10:22 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
مايو 11, 2023, 1:20 م - خوله كامل عبدالله الكردي
نبذة عن الكاتب