رقة كلمة هي قصيدة مستوحاة من تجربة اجتماعية لامست صميم قلوبنا، حاولت أن أجسدها بمنظوري الخاص بهذه الكلمات...
بِصَمتِ اللَّيلِ تَهمِسُ بي الأحزان
وفي زوايا الروحِ يَسكُنُ الهذيان
أبكيتُ نَجمًا كادَ يَسقُطُ في كَفِّي
وغابَ في ظُلمةٍ مَلامِحُهُ عُريان
يا لَوعةَ الأيامِ حينَ تُعاندُنا
وتَزرَعُ في الصُّدورِ نارًا وَدُخان
كلمةٌ رَقَّتْ، لكنَّها ذَبُلَتْ
في القلبِ، وضاعَ في الحنايا الحنان
كيفَ يُطيقُ الحرفُ حِملَ الشَّجى
حينَ يُكابِدُهُ العَناءُ والهِجران؟
يا لَيتَ الكَلِماتِ تُبعِدُنا عن الحُزنِ
وتُلبِسُنا في الخاطرِ نَبضًا وَأمان
لكنَّها تَسقُطُ في صَمتٍ مُرٍّ
حيثُ العُيونُ تُطلِقُ شَجوًا لا يُدان
فيا حَرفي، إنِّكَ جُرحُ الصَّدرِ
تَروي قِصَّةً ما لها شَفَقةٌ أو بيانُ
يا ليلُ، كم فيكَ من الأسرارِ تَخفى
وتَسكنُ في جُرحٍ أبى أن يُستَكان
هل يَسمعُ الصدى بُكاءَ النَّايِ في الوَترِ
أم أنّهُ صَوتُ القلوبِ إذ تَهوان؟
هَل يَغفِرُ الغيمُ للريحِ قَسوتَها
حينَ سَفَكْتَ مَطرَ الوصلِ بأيديِ الزمان؟
يا صاحِ، لا تَجزَعْ إن خانَتْكَ الكَلِماتُ
فالقلبُ رَقَّ، والبوحُ ما عادَ يَكفُوهُ اللسانُ
تَكفيني الآنَ دَمعَةٌ تَخطُّ فِكرةً
وتنسُجُ في الظلِّ للروحِ مِلحانُ
فَرُبَّ كَلِمةٍ تُخفِّفُ وَقعَ الأحزان
وكأنَّها نَورٌ يَشقُّ سُدوفَ الأحزان
وفي كلِّ نَظرةٍ أملٌ يُخالجُ الصَّدرَ
رغمَ الحُزنِ، تُحييهِ الذكرى والأَحلام
فيا ليتَنا نَبتكرُ في رِقَّةِ البَوحِ
ما يَنسُجُ من الجُرحِ خيطَ النِّسيان
يا لحنَ الأيَّامِ هل تُسمِعُني صَفوًا
أم أنتَ كالبحرِ، هائجٌ لا يَهدأُ المَوجان؟
ما عادَ يَسعَفُني سوى بَقايا الذكرى
تَخطُّ فِي صدري قصصًا بلا عُنوان
أحاولُ نَسجَ البَسمةِ في طَيِّ الحُروفِ
لكنَّها تَذُوبُ بينَ شَكٍّ وَحِيران
يا حَزنَ الروحِ، رِفقًا فإنَّ البَقايا
مِنِّي تَضمَحِلُّ كما يَفنى الغُصنُ العَطشان
هل تَسمعُ الريحُ حديثَ النَّفسِ في الغُربةِ؟
أم تَترُكُها تُصارعُ صَمتَ الأَحزان؟
يا دَمعَةَ الحُزنِ، تَوقفي رِفقًا بنا
فالقلبُ ما عادَ يَحتَملُ ثِقلَ الأشجان
أملٌ بعيدٌ، يَخبو ضوؤه في الأُفقِ
لكنَّهُ يُضيءُ حينَ يأتي الخلان
فيا أيُّها الفجرُ، هل يَحينُ مَوعِدُكَ؟
أم أنَّنا في الحُزنِ بَاقونَ كالأَشجان؟
نَرجو مِنَ الكَلِماتِ نورًا يُدفئُنا
لكنَّها سُرعانَ ما تَذُوبُ كالدُّخانِ
في طَيِّ الزَّمانِ تَضيعُ أمانينا،
وتَخفُتُ الألحانُ، وتُطفَأُ النيران
كَم حاوَلتُ أن أُلَملِمَ شَتاتَ القلبِ
لكنَّهُ تَفَرَّقَ في المدى، وفي النِّسيان
يا رِقَّةَ الكَلِماتِ، هل تَحملينَ جُرحي؟
أم تَكتُبِينَ ما يَحلو للأشجان؟
سَألتُ النُّجومَ، فَما لَها إجابةٌ
وكأنَّها في السَّماءِ أَصداءٌ وَأغصان
يا قَلبَ العَاشِقينَ، ما لكَ مِن صَبرٍ؟
فَكُلُّ حَرفٍ مِنكَ يُنبِئُني بالعِصيان
أرسمُ حُلمي في سَفَرِ النَّهرِ
لكنهُ يَضيعُ في خَضَمِّ الأَحزان
أصبو إلى بَسمةٍ في طيِّ الكَلِمةِ
لكنها تَتَكسَّرُ على شاطئِ العِرفان
فيا حَرفي، كُن رَفيقَ الروحِ في المَسيرِ
فالعُمرُ يمضي، والذِّكرى هِيَ المِيزان
في رِقَّةِ الكلمةِ تُخفي لنا الأملَ
وفيها نَبتغي الفَرَجَ، فَهَل تُرى نَلقاه؟
في عُمقِ الصَّمتِ تَصرُخُ أشواقي،
وَتَتَوهُ في الدُّروبِ ضِحكاتُ التِّيجان
هَل للحَنينِ في الحروفِ مَأوى؟
أم ضاعَ مِثلَ غُرَباءٍ في الأوطان؟
كَم مِن بَوحٍ خَجولٍ فِي صَدرِي
تَخنُقهُ الآهاتُ ويُطفِئُهُ النِّسيان
أُحاوِلُ أَن أَغزِلَ مِن أَطرافِ رِفقَتِنا
نَسيجًا مِن نُورٍ، لكنَّهُ يُمزِّقُهُ الهَوان
وَيا كَلِمَةً رَقَّتْ حتَّى ضاعَ معناها،
فأصبحَتْ تَهيمُ في المدى بلا عنوانِ
لعلَّ الأيَّامَ تَعودُ يومًا تُعيدُ لنا
ما سَرَقَتْهُ رِياحُ البُعدِ والحرمان
فَتُصبِحُ الرِّقَّةُ سَلطانةَ الحُروفِ
وَيَغفو على نَبضِها قلبٌ نَسِيَ الأَحزان
يا لَيتَ العُمرَ يُعيدُ كَلمَةً واحدةً
تُلامِسُ فيها روحًا ذابَت كالأشجان
لكنَّهُ الزَّمانُ لا يَعودُ يا صاحِ
ويَبقَى لَنا مِن ذِكرَاهُ صَدى الحِنان
يا نَسمَةَ الذِّكرى تَمرُّ على القلوبِ
تُداعِبُ ما بَقِيَ مِن حُلمٍ وغُصون
كَم مِن مَراتٍ حاولتُ لَملمةَ أشلائي
لكنَّ الرياحَ تَعبثُ بي كالهَمجِ والمَجنون
أرنو إلى الكَلِماتِ بحثًا عن مَلاذٍ
لكنَّها تَخونُني، وتُبعِدني عن السَّكون
هل تُنقِذُني رِقَّةُ الكَلِمَةِ مِن غَرقي
أم تَرمي بي في أعماقِ الحُزنِ والكُنون؟
يا ليتَ الأَيامَ تَحنو علَى خاطري
فتُسقيني مِن نبضِ الوردِ والغُصون
لكنَّها تَركنُني على حافةِ الشَّوقِ
وأظلُّ في عَتَباتِ الانتظارِ والسُّجون
فَيا كَلِمَةً رَقَّتْ حتّى سارت نَسمةً
تُطفئُ نيرانَ قلبي وتهديني السُّكون
لعلَّها تَحمِلُ في طَيَّاتها سِرًّا
وتَبقى كالبَلسمِ للنَّفسِ في الجفون
فَمَا زالت تَسكنُني بَقايا من حُروفٍ
وَما زالَ للحلمِ بَصيصٌ في العُيون
يا حَرفَ الحُزنِ، كَم طُفتَ في صدري،
وكَم لامَسَتْ مَوجاتُكَ شاطئَ الخُذلان
كُلَّما رَقَّتِ الكلمةُ في نَبضِها،
تَحجَّرَتْ في القلبِ آهَاتٌ وكتمان
هل تُبصِرُ العَينُ ما تَخفِيهِ رُوحُنا؟
أم ضاعَ في ظِلِّ الغِيابِ البَيَان؟
يا لُطفَ الكَلِماتِ حينَ تَهطِلُ
تُداوي الجُرحَ في لَحظاتٍ وتَنسى النِّسيان
لكنَّها تَرحَلُ كالشُّعاعِ سَريعًا
وتَترُكُنا نُسائِلُ الوقتَ ما كانَ وكان
كَم مِن غُصنٍ ذَبُلَ في حديقةِ العُمرِ
وحُلُمٍ تَهاوى في سَاعاتِ الهَجران
أُحادِثُكَ يا قَلمي، وأبُوحُ بِيأسِي
لَعلَّ الكَلِماتِ تُعيدُ لِي الأَمان
لكنَّها تَكسِرُ مَوجَها على صَخرتِي
وتَترُكني أُصارِعُ رِياحَ النِّسيان
فَيا رِقَّةَ الكَلِمَة، كُونِي لي سُلوانًا
لعلَّ الفَجرَ يَأتِي معكِ بالأَمان
في مَهبِّ الصَّمتِ تَحطُّ رِسائِلُنا
وتَغدو الأحلامُ كأوراقٍ في النِّسيانِ
كَم لُفَّتِ الحُروفُ بالآهاتِ خِلسةً
وكَم أُطفِئَتْ شُموعُ البوحِ بالأحزان
يا كَلِمةً رَقَّتْ حتى ذَابَتْ في رُوحِي
كَقطرَةِ مَطرٍ أَذابتْ صَخرَةَ الجُدران
أحاوِلُ أَن أَصوغَ مِن بَقاياها حِكايَةً
لكنَّها تَتعَثَّرُ بينَ المَاضي والآنِ
يا لَيتَ للحُروفِ صَوتًا يَردُّ غِيابَنا
وَيُسكتُ أنينَ الفِراقِ وَالحرمان
تَسقُطُ مِن شَفَتَي كَلِمَةٌ مَكسُورَةٌ
كَأنَّها سَفينَةٌ ضَاعَت في الطُّوفان
هَل يَجمَعُ الليلُ ما تَشَتَّتَ مِن نَبضِي؟
أَم أنَّ الصَّباحَ يُبقي على العُنوان؟
يا حُزنَ الحُروفِ، تَرفَّقْ بي، فإني
ما عادَ فِي القلبِ ما يَحتَمِلُ العُصيان
تَحنُو الكَلِمَةُ على حافَةِ الدُّموعِ،
وتَترُكُني أُحادِثُ نَجمًا دونَ وَجان
فَيا رِقَّةَ الكَلِمَةِ، كُونِي لِي بَلسمًا
لعلَّ فيكِ مَا يُطفِئُ لهيبَ الجَنان
يا نَفحةَ الكَلِمَاتِ، هَل تَسمعينَ صَوتي؟
أم ضَاعَتْ أَصداءُ الحُلمِ فِي كَيانِي؟
كَم مِن مَرَّةٍ بَنيتُ جُسرًا مِن الحُروفِ
لَكِنَّهُ تَهاوى في هَواءٍ وَدُخان
كُلَّمَا رَقَّتِ الكَلِمَةُ، تَعودُ مُثقلةً
بِأَوجاعٍ تَترُكُني في خَريفِ الأَحزان
يا لَحنَ المَاضي، هَل تَسقِيني مِن بَوحِكَ؟
فَقد شَربتُ مِن الصَّمتِ ما أَفنى أَركاني
أُرسِلُ الكَلِمَاتِ كَطَيفٍ في اللَّيلِ
لَعَلَّها تَعودُ بِبَصيصٍ مِن أَمانِي
لكنَّها تَتيهُ في المَدى البعيدِ
كَفَراشَةٍ تَحترِقُ بِضَوءٍ في الجِنانِ
فَيا رِقَّةَ الكَلِمَة، كُونِي مَرسَاتي
لَعَلِّي أَصلُ إلى شَاطئِ السَّلامِ والمَرفَان
يا قَلبَ الحُزنِ، أَطلِقْ سَرَابَك
فَقد تَعبتُ مِن السَّيرِ في طُرُقِ الأوهَام
لَعَلَّ الفَجرَ يُضيءُ دربَ الكَلِمَةِ
وتُصبِحُ أَحلامُنا بَينَ اليَقينِ والأَمان
فَتَغدو رِقَّةُ الحُروفِ مَلجأَنا
وَنَحيا على نَبضِها بَعيدًا عن الهَجران
وفي النِّهايةِ، يا كَلِمَةَ الحُزنِ الرَّقيقَة
ما بَقيَ إلاَّ أَثرٌ في الرُّوحِ وَشَوقٌ في الزَّمان
كَم حاوَلنا أَن نُداوِي بِكِ جِراحَ قلوبِنا
لَكِنَّكِ كنتِ مِثلَ النَّسماتِ في الأكفِّ تُفنى بالأَحضان
كُنتِ رَفيقَتنا في اللَّيلِ تُؤنسينَ وحدَتَنا،
وفي ضَوءِ الأَملِ تَنسِجينَ لنا عُنوانَ الأَمان
لكنَّ الحُزنَ بَقِي في صَميمِ الكلمةِ
كَأَثرٍ لا يَمحُوهُ الزَّمَنُ ولا الأوطان
فَيا رِقَّةَ الكَلِمَةِ، هَل تَعودِينَ يَومًا؟
لِنَروي بَكِ الأَشواقَ وَنَطمئنَّ في الوِجدان
نُودِّعُكِ الآنَ، لكنَّكِ فينا تَسكنِينَ
رَغْمَ الصَّمتِ، سَتَظَلِّينَ نَبضَنا في كُلِّ الأزمان
وفي خِتامِ الحُزنِ، تَبقَى الكَلِمَةُ رَقيقَةً
تَنسُجُ مِن آلامِنا قِصَّةَ صَبرٍ وإِيمانٍ
👍👍👍
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.