إهداء لملكة حرائر نساء لبنان، وسيدة الصحافة اللبنانية، الشهيدة الحية مي شدياق، في هذه الأيام المفتكرة التي تصادف ذكرى حياة استشهادها ومحاولة اغتيالها التي كادت سترديها أشلاء مبعثرة وتودي بحياتها.
أدى الربيع لعطائها الغالي والنفيس لأنفس وأجود ما يمكن أن تضحي به في سبيل بلد الأرز الغالي سويسرا الشرق، لكي يبقى أبد الدوام منارة الكلمة الحرة والفكر الحر والإبداع الساحر والفريد، لكي يبقى عصيًّا ومستحيلًا وممنوع المنال على من أرادوا به شرًّا وكيدًا وظلمًا وجورًا.
اطبعوا أحر قبلات الحب والمعزة والإكبار على جبينها العالي الشامخ، الذي لا تحنيه لمن أرادوا أن يكبلوها ويكبلوا شعبها، خلِّدوا ذكرى تفجيرها دائمًا وأبدًا لا في يومه؛ لأنه هدية من تضحية عن طيب نفس وخاطر كي لا يهلك هذا البلد الغالي الذي لطالما رمقه العالم بكل محبة وطموح وأمل وتفاؤل.
بل ودقوا طبول الفرح والغبطة لأجلها على الهدية الأغلى من هذه، هبة الرحمن لها أن كتب لها عمرًا جديدًا وحياة جديدة، وعودتها من براثن الموت سالمة غانمة كي تحيا من أجل وطنها ليحيا ويعيش حرًّا طليقًا، وينتشل من براثن خاطفيه والمتربصين به ممرًّا وشرًّا، ولكي تحرمهم شماتتهم وفرحتهم بموتها، وكي لا يرقصوا كالكلاب المستكلبة على رفاتها، ولكي تنزع البسمة الحاقدة وتمحيها على شفاههم، ولكي تخبرهم بأنها في رعاية الله الواحد الأحد.
لها ولمعزتها، تنظم هذه السطور الشعرية التي خيطت من نبضات الحب الذي يكنه لها قلبي بكل وبمنتهى الشدة والجمام، وعربون محبة وود لها وبروحها الزكية التي كادت أن تزهق لولا محبة العزيز الجليل ولطفه... بل عربون محبة وود لعنوان شخصيتها المحبوب والعزيز على القلب:
أرزة لبنان الشامخة
لا تحدثوني عن نساء الشادور والبرقع الأسود
ولا عن نشاز المتغنيات بخطوبات العفة
بل أذهبوا ألم رأسي ودماغي
بذكر سيرة سيدة أغلى التضحيات
التي ذاقت حر الموت في سبيل كلم الحق
وعانت صنوف التجريح والقذف ألوانا متنوعات
وأعظم وأكثر من التعب ذاته تعبت
كي لا يسقط وطنها نحو وحل الغرق
ملاك القلوب صديقة الأفكار ملكة المناضلات
المتحليات بقوى الشجاعة وعلى النوائب متجلدات
وبالجسارة وجريء الإقدام متزينات
واحدة من نجوم ثورة الأرز الغالي المتلألآت
ومن بين قلائل الشهداء الأحياء على وجه الوجود
ومن حياهم الرحمان بعمر حي جديد
لا هم لها في مقابل الرعاع فاقدي الشهامة والسؤدد
المنشغلين بتصيد سقطاتها في كل آن وحين يصبون عليها جام حقدهم مع كل يوم جديد
ولا يخطر لهم على شر فكرهم إلى الأبد
أن يقولوا إن القبور تُبنى ونحن لا تبنا
وعلى الرغم منهم ومن فوقهم فوق حدود السرمد
وعلى رؤوسهم واقفة باقية لا تهتز ولا ترتعد
كشجرة الزيتون المثمرة الفارعة المباركة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.