في يوم من الأيام عاد محمد إلى منزله حزيناً باكياً، فاستقبلته أمه، تمسح دمعه، وتضمه إلى صدرها، قائلة له: ماذا يبكيك يا بني..
فأجابها: لقد ضربني معلم الرياضيات؛ لأنني لم أستطع إجابة السؤال المدوّن على السبورة.
ربتت الأم على ظهر ولدها، وقالت: لا تبكِ يا بني، سيصير خيراً إن شاء الله.
وفي اليوم التالي دوّنت الأم رسالة إلى معلم الرياضيات تطلب منه الرفق بولدها، وألا يضربه مجدداً، ووعدته بأنها ستبذل معه كل ما تستطيع حتى يتسنى له فهم المادة.
قرأ المعلم رسالتها، فاستجاب لطلبها بعدم ضربه، لكنه لم يبرح عن تعنيفه اللفظي لمحمد وزملائه.
وَفَت الأم بوعدها، واشترت كل الوسائل التعليمية المعينة على فهم مادة الرياضيات، وأخذت تعلّم ولدها كل يوم، وتحاول تبسيط المادة له، لكن دون جدوى، لم يبدِ محمد استجابة كاملة لها، فلقد أصبحت مادة الرياضيات مادة صعبة في نظره.
ومرّت السنين، وتحصل محمد على شهادته الثانوية، وكان عليه أن يختار إحدى الكليات التي سيتخصص فيها، فاحتار هل سيدخل كلية الهندسة التي يحلم بها منذ زمن بعيد أم عليه أن يغير تخصصاً آخراً بسبب مادة الرياضيات التي أصبحت كابوساً مزعجاً يؤرق فكره ومضجعه.
لم تسمح له أمه في تغيير حلمه، ووقفت بجانبه وقفة قوية، وساعدته على تحقيق حلمه، وساندته بكل ما تملك، فهو لا ينسى لها الفضل، ولا تغيب عنه كلماتها التي نَحتها على شغاف قلبه، فكانت تقويه كلما شعر بالعجز والهزيمة.
وانطوت السنوات سريعاً، وتخرَّج محمد من كلية الهندسة بتفوق ونجاح، وحصل على وظيفة شاغرة في إحدى شركات الشرق الأوسط المشهورة..
وبعد مضي سنوات من العمل فيها، قرَّر أن يكتب رسالة إلى معلمه.
فكتب بخط عريض متوسطاً الورقة:
(رســالة إلى معــــلم الرياضــيات
من محمد صفوان العزي إلى الأستاذ فواز، معلم الرياضيات- الذي درست على يديه مادة الرياضيات في الصف الثالث الابتدائي-.
تحيَّة طيبة، أمّا بعد:
أتمنّى أن تصلك رسالتي هذه وأنت في أتمّ الصحة والعافية، لا أدري هل تذكرتني أم لا، لكنني أتذكرك تماماً، وكأنني درست على يديك بالأمس، لقد كنت مدرساً جافاً، صلباً، عنيفاً، تسببت في إيذائي نفسياً، وعانيت بسببك سِنِين، ولولا ألطاف الله -عزّ وجل- لما وصلت إلى ما وصلت إليه، وأذكرك أنني لم أنسَ نعتك إياي بالحمار، فأريد أن أرد لك الجميل، وأخبرك بأن ما الحمار إلا الذي سأرسله إليك، فتقبل هديتي وتحياتي، وسلام عليك). من: محمد صفوان العزي (نائب مدير شركة الشرق الأوسط للهندسة المعمارية)..
ثم قام بالتقاط صورة للرسالة بجواله، وبعثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المشترك فيها، مُعلّقاً: أرجو إيصال رسالتي هذه لمعلمي قبل أن تصله هديتي، وتقبلوا شكري... (م. محمد العزي).
أغسطس 3, 2022, 8:42 م
جميل يظهر كل مدرسين الرياضيات عرفيني
ممكن يكون للقصة جزء تانى
أكتوبر 14, 2023, 8:37 م
شكرا لمرورك عزيزتي.
لا... هي جزء واحد فقط
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.