سنة 1897 وُلد الشاعر سيد مرسي في حي بولاق الدكرور، وكان من أسرة فقيرة فلم يتعلم، وعندما وصل إلى سن الخامسة عشرة عمل مساعد مكوجي، وبعد مدة استطاع أن يتعلم الصنعة وأصبح مكوجيًّا وفتح محلًا في نفس منطقته. وكان مكوجيًا ماهرًا، فكان زبائنه كثر من منطقته ومن خارجها.
رسائل المكوجي
كان الأسطى سيد قد تجاوز الأربعين، وكان يحب خادمة، وكل يوم يكتب لها الشعر ويضعه في جيوب الملابس التي يكويها للسيد الذي تعمل عنده محبوبته، وكانت الخادمة تبحث في جيوب الملابس القادمة من المكوجي وتُخرج منها الخطابات التي يرسلها لها المكوجي.
وفي أحد الأيام كانت الخادمة قد خاصمته لخلاف بينهما، فكتب لها خطابًا يصالحها ووضعه في جيب البنطلون. ولأنها كانت غاضبة منه، نسيت تفتيش الجيوب.
صاحب البيت الذي كانت تعمل عنده هو الشاعر الكبير الأستاذ مأمون الشناوي، وعندما ارتدى البنطلون وضع يده في جيبه فوجد ورقة مكتوبًا بها:
ع الحلوة والمرة مش كنا متعاهدين
ليه تنسى بالمرة عشرة بقالها سنين
مأمون الشناوي
استدعى مأمون الشناوي الخادمة وسألها عن الورقة، فأنكرت معرفتها بها، وعندما ضغط عليها قالت إن الأسطى سيد المكوجي يعاكسها وهي لا ترد عليه ولا علاقة لها به، فطلب منها أن تتصل بالمكوجي وتستدعيه فورًا للحضور لمقابلته.
اتصلت الخادمة بالمكوجي وأخبرته أن الأستاذ مأمون الشناوي يريد لقاءه، وعندما وصل المكوجي سأله مأمون الشناوي: "أنت اللي كاتب الكلام ده؟"
رد الأسطى سيد: "أنا هافهم حضرتك..."
قاطعه مأمون الشناوي قائلًا: "لا تفهمني ولا أفهمك، أنا عايز رد بـ 'أه' أو 'لأ'، أنت اللي كتبت ده؟"
اعترف المكوجي أنه كاتب هذا الكلام.
طلب منه مأمون الشناوي تكملة هذه الكلمات لتكون أغنية، فوافق الأسطى سيد وأخبره أن لديه قصائد كثيرة.
"ع الحلوة والمرة"
جلس الأسطى سيد يكتب باقي الكلمات، وبعد أن أنهاها قرأها مأمون الشناوي ثم تركه وهرع نحو الهاتف واتصل بالمطرب الأول في هذا الوقت عبد الغني السيد وأخبره أنه وجد الأغنية التي يريدها، وكاتبها شاعر جديد سينال إعجابه.
وأصبحت هذه القصيدة الأغنية الشهيرة "ع الحلوة والمرة"، وتحول الأسطى سيد المكوجي إلى الشاعر الغنائي سيد مرسي.
وكتب عددًا من الأغاني للمطربة وردة الجزائرية مثل: "وحشتوني" - "أحضنوا الأيام" - "اشتروني" - "خليك هنا خليك".
كما كتب أغنية "سلم علي" التي غنَّتها المطربة ليلى مراد والمطربة نجاة الصغيرة والمطرب فهد بلان، وكتب أيضًا أغنية "والنبي وحشتنا" للمطربة شادية.
وقال عنه الموسيقار بليغ حمدي إنه كنز غنائي لم يُعرف إلا متأخرًا.
ومات الشاعر سيد مرسي سنة 1995 عن عمر ناهز 98 عامًا.
المصدر
حكايات منسية - محمد أمير
ما احوجنا الى مثل هؤلاء العباقرة الذين كانوا من القليل يعطون الكثير
جميل ذاك الزمان
ما احوجنا الى مثل هؤلاء العباقرة الذين كانوا من القليل يعطون الكثير
ما احوجنا الى مثل هؤلاء العباقرة الذين كانوا من القليل يعطون الكثير
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.