حاول الإنسان القديم علاج نفسه من الأمراض بما يستخلصه من بيئته من النباتات والحيوانات، ثم لجأ إلى السحرة والكهان والمشعوذين، الذين جرَّبوا مختلف المواد على المرضى، وساد الاعتقاد بالأرواح الشريرة وسيطرتها على المرضى.
في مصر الفرعونية، قدَّمت بعض البرديات كثيرًا من الوصفات الطبية، وفي 1500 قبل الميلاد جاء في بردية إبيرس وصف للاكتئاب.
وفي الأساطير الإغريقية القديمة عُدَّ المرض العقلي نوبات من الهياج أو الجنون، وحاولوا علاج المرضى بالضرب والجلد والتجويع، أو بالترفيه عنهم بالرياضة البدنية أو بالموسيقى أو بالأكل الوفير.
في القرن 4 قبل الميلاد، عزى أبقراط الاضطرابات العقلية إلى وجود خلل فسيولوجي، ولاحقًا شرَّح أسقليبيوس المخ في 250 قبل الميلاد.
اقرأ أيضًا: العلاج النفسي وكيفية الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي
وفي العصور الوسطى في أوروبا عُولج المصابون بالاضطرابات العقلية بالتقييد بالأغلال ووضعهم في ملاجئ بعيدة.
وهكذا ظل تشخيص الأمراض النفسية والعقلية وعلاجها ميدانًا لاجتهاد الفلاسفة والحكماء وبعض المشتغلين بالدين، وعُدَّ المرضى بتلك الأمراض مجرمين أو مذنبين.
وقد عدَّ الإسلام المرضى بالاضطرابات العقلية فاقدي أهلية التصرف في الممتلكات، مع وجوب معاملتهم معاملة طيبة، وحرم الانتحار وحرم شرب الخمر وما في حكمها بالتدريج؛ بعَدِّ الخمر تورث العداوة والبغضاء بين الناس وتسلب الفرد عقله وإدراكه.
ووضع الإسلام كثيرًا من المبادئ الأخلاقية والواجبات المدنية؛ بما يكفل حياة إنسانية لكل فرد، وأنه لا يوجد وسيط بين الله والفرد المؤمن، وأنه يجب تلبية متطلبات احتياجات النفس والروح بواقعية وتوازن، وأنه يوجد ما يُعرف بعالم أخروي أبدي، بالإضافة لحرية الإبداع.
لذا ففي مرحلة ازدهار الحضارة العربية، تم نقل مؤلفات أبقراط وجالينوس ونقدها والإضافة إليها، وأُنشئت أول مستشفى للأمراض العقلية والنفسية في بغداد (705م)، وأنشئ قسم للأمراض العقلية والنفسية بمستشفى قلاوون بمصر (805)، إضافة إلى أجنحة خاصة كمصحات نفسية في كثير من المستشفيات.
اقرأ أيضًا: أغرب طرق علاج للمرض النفسي قديماً.. معلومات ستصدمك
واشتهر ابن سيرين (654 – 731) في بداية العصر الأموي بتفسير الأحلام، فقد كان ملمًّا بعلوم عصره، وكان يُفسر الرؤيا لا الحلم، وكان يفسرها وفقًا لنفسية الرائي وملامحه وانفعالاته وحالته الصحية وطبعه (سواء أكان باردًا أم جافًّا أم رطبًا أم سوداويًّا)، ومدى امتلاء معدة الرائي بالطعام وما شغله قبل رؤيته للرؤيا، وحسب فصول العام والطقس والوقت، وحسب الرموز التي شاهدها الرائي في رؤياه.
ووفقًا لعلم الفراسة وقص الأثر. وقد ورد أن ابن سيرين قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمَّن تأخذوه"، يعني تفسير الرؤيا، وقد جُمعت تفسيراته ووُضعت في كتاب.
وضع أبو بكر محمد بن محمد الرازي (865-925) كتاب الحاوي الذي يُعد أول كتاب إكلينيكي طبي، ذكر الأمراض وأعراضها وعلاجها، ووضع أيضًا كتاب المنصوري، وقد تناول فيهما أيضًا وصفًا لبعض الأمراض العقلية وطرائق العلاج النفسي.
في القرن 11 م، لاحظ أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا (980-1030) تغير معدل النبض وفقًا للمشاعر الداخلية للفرد، وربط بين التغيرات النفسية والجسدية، ووضع كتاب القانون الذي يبدأ بالتشريح ثم علم الوظائف ثم علم الباثولوجيا (علم طبائع الأمراض)، ثم علم العلاج، وتناول أيضًا الطب بقسميه النظري والعملي، إضافة إلى الأمراض وأسبابها وطرائق تشخيصها وطرائق معالجتها، وظل كتاب القانون يُدرَّس في أوروبا لقرون عدة.
مقال رائع وثرى بالمعلومات
والتفاصيل المهمة 👍❤
مرحباً من جديد، وشكراً جزيلاً مجدداً صديقتي العزيزة سعاد صادق على تعليقك الذي أعتز به، انشغلت قليلا فأعذريني على تأخري في الرد، في انتظار المزيد من مقالاتك الرائعة، دمتم بخير وسلام وسعادة.
لآ ولايهمك يا حبيبتي
أنت جميلة الإحساس والزوق
❤🌹
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.