قد يحتار الإنسان في محأو لة التعريف بـ " السعادة " كإحساس بالمتعة والانبساط، حيث يطمئن وينشرح الصدر، فيستريح البال كشعور بالرضا عن النفس.
وقد ينبع من خلال ما يحب فعله المرء وقد يكون ناتجًا عن شيء أو عن ردود فعل إيجابية في حقه أو في حق الآخر. وقد تتجلى السعادة على شكل صور عديدة مأخوذة من كل مناحي حياته، بحيث يسطع مصدرها من دواخل الفرد منا على شكل ذكريات.
اقرأ أيضاً تتلخص السعادة فيم ما نحن عليه وتأتي من طريقة تفكيرنا.
ما هو الشعور بالسعادة؟
هو شعور جميل قد يولد في أية فترة زمنية بدون أن يحرِّم على نفسه التمتع بسعادة آنية أو قد تباغته كخبر سار أو القيام بعمل خير جارٍ.
وقد تكون عبارة عن مجرد حلم تحقق رغم قساوة الظروف الحياتية. لأن الإحساس بالسعادة لا قواعد مطلقة له، فهو عطاء وسخاء من وإلى الشخص نفسه، أو لغيره بدون مقابل كذلك. لأن السعادة، أغلى من كل أموال الدنيا. فقط، يجب على من يبحث عنها أن يشرع في تطبيق ذلك ابتداءً من نفسه.
وما يهمنا هنا، هو لمس قيمة تلك الرغبة أو ذاك الحلم المنتظر. فرضا النفس على صاحبها هو أثمن هدية قد يقدمها شخص لنفسه. وما أجمل ذلك الإحساس الذي يعبِّر عن الطمأنينة والاستقرار.
طبعًا، قد يبدو هذا مستحيلًا استدامته على مدى مشوار حياة الإنسان مهما كان وضعه المادي أو الاجتماعي في هرم الاحتياجات الإنساني؛ لأنها لحظات استمتاع بفرص تفوقه على أحواله الخاصة قبل العامة، وكذا التعمق في دواخله، فقد يقترب من بعض منها، لاجتيازه محن ظروفه الحياتية كجملة من التجارب الدنيوية التي بالأحرى.
قد تقوي عزيمته. فتراه يفتخر بنفسه بعدما انتصر على كبت بعض نزواته أو أنه ساعد غيره على حل بعض مشكلاته أو ساهم في إنجاح عملية إيجابية ما أو قام بنشر ابتسامة أو فرحة وبهجة بين ذويه أو أنه تغلب على حالة كانت ترهق كاهله، والأمثلة لا حصر لها في هذا المضمار.
اقرأ أيضاً لماذا نشعر بالسعادة عند تناول الشوكولاتة؟
الحالة النفسية وتأثيرها على صحة الإنسان
هكذا يضحى مفهوم السعادة نسبيًّا مهما حاولنا طوق دلالتها، لأنه يعكس تلك الحالات النفسية والمزاجية لكل شخص على حدة مما قد يجعل كلًّا منا ينظر إيجابيًّا إلى حال صحته البدنية والنفسية كذلك، وإلى نوع علاقاته الاجتماعية على أن تكون جيدة بقدر ما يستطيع، وكذا أن ينتبه إلى عوامل راحة باله واستقرار نفسيته كلما حاول لتلبية ذلك سبيلًا.
وأن يجعل من ردود انفعالاته حلولًا مناسبة ومنطقية للمواقف الإنسانية التي يمر بها. هكذا فقط، قد يتغلب على ذاك الإحساس بالحزن أو الكآبة التي تجلب له مشاعر التشاؤم وطاقات سلبية مستديمة.
قد لا ندرك أن قيمة "الأخلاق" في حياتنا ككل، تتمركز بعمق في قيمتنا الوجودية كالعمود الفقري بالنسبة لجسم كل فرد منا في مواجهة أية حالة أو ظرف أيًّا كان، بحيث تبرز معها جل ما قد يسعى إليه لتحقيق آماله وغاياته في حقل محيطه الاجتماعي. بل وفي كل ميادين حياته الشخصية أو السياسية أو الدينية وخصوصا لمجموع ردود أفعاله السلوكية والنفسية وهي تختلف من شخص لآخر، حسب طبعه وتوجهاته أو ميوله في حياته عامةً.
اقرأ أيضاً كيف تحقق السعادة في العام الجديد 2023؟
كيف نحقق السعادة؟
وقد يتضح هذا أكثر عندما يتعلق الأمر بتأثيره وقيمة السعادة لديه كما يتصورها في اعتقاده، وكيفما يطبق فلسفته لها في حياته.
فمنهم من يرى أنه قد يكون أسعد إن كان يملك كمًّا ماديًّا هائلًا، وآخر يستشهد بمدى سعادته إن هو أنجز وحقَّق ذاته من خلال كسب رضا نفسه عليه، أو استطاع أن يحدد أهدافه وسط مؤثرات عالمه الخارجي بدون أن يرضخ لأيٍّ منها، حيث يشق طريقه بقوة عصامية نابعة من أعماق نفسيته الطموحة ليزرع بعد ذلك بذور الفرح وراحة البال بداخله. وبالتالي، قد يُصاب محيطه بعدوى بهجة السعادة من حوله وقد يصدِّرها إلى كل من جاوره أو قابله في حياته بصفة خاصة.
حقا، إن لبواعث السعادة غايات جليلة، تطرُق كل أبواب نفسية البشر على مراحل من حياتهم، لكن هناك من يتكبد عناء فتح بابه لها بكل تطوع وإرادة، فتحضنه بقوة وقد ترحل به إلى عالمها الساحر، حيث تسقيه كؤوس الراح والمرح.
وكما هناك منا مَن يقفل أبواب مخيلته على نفسه، فتراه يعجز حتى عن إطلالة من خلال نافذة قلبه على ما يجري من حوله، وقد يتلذذ وهو يرشف من كأس كآبته، معتقدًا أن حاله هذا بات قدره، ولا محيد عنه مهما فعل.
بينما توجد هناك عدة علاجات واقية وأخرى شافية ومنها ما يذيب سقم التعاسة والكآبة إلى أمد أبعد. فما هي إلا عبارة عن إعادة تأهيل نفسية المريض، أو بالأحرى، هي عملية ترويض خاص لنفسيته العليلة.
من المعلوم، أن هناك مراكز خاصة تهتم بزبائنها من ناحية إيجاد لهم حلول لما يشتكون منه، على مستوى أحوالهم النفسية كلٌّ على حدة. طبعًا، هناك يعمل مختصون بكل تفانٍ من أجل تحقيق غايات مرضاهم بما في ذلك من استشارات وترشيد لإتقان بعض المهارات، وكذا تزويدهم بمعلومات قيِّمة هم في حاجة إليها، بحثًا عن مواطن الخلل لديهم نفسيًّا، وقد يتعدى الأمر ذلك حسب تشخيص حالات معينة.
وهكذا، نلاحظ أن المسألة ليست بهذا التعقيد الذي يراه بعضهم. فهناك مراكز خاصة كذلك تهتم بتصحيح بعض الحالات النفسية وأخرى متخصصة في علوم التنمية الذاتية مثلًا والمصاحبة وغيرها من العلوم في ميدان العلاجات الخاصة وبواسطة وسائل متطورة حديثة لتعزيز مكانة السعادة كإحساس طبيعي، يرفع من معنويات الإنسان ويقوي فيه حبه للحياة، لهذا ربما كان ما دفع بهيئة الأمم المتحدة أنها أقرَّت يوم 20 مارس من سنة 2012، يومًا عالميًّا للسعادة.
اقرأ أيضاً كيف تعزز هرمونات السعادة في جسمك؟
بعض الطرق للوصول للسعادة
من الوصفات المعمول بها في أوساط المجتمعات المعاصرة، تبعًا لما يوصي به بعض المختصين في هذا الميدان المتشعب والمتنوع بحالاته وآراء أصحاب الفتوى فيه، مع وجوب بعض الإمكانيات في شخصية المهتم بهذه الإشكالية الانسانية:
- الثقة بالنفس وكذا تقدير الذات باعتدال.
- إمكانية السيطرة على الإحساسات النفسية والذاتية للفرد.
- إنجاز والقيام بأعمال مفيدة باستمرار.
- اهتمامه بالجانب الترفيهي كلما كان ذلك ممكنًا.
- تصحيحه واهتمامه ببعض العلاقات الاجتماعية ومشاركته في بعض الورش السوسيو- ثقافية وبعض الأعمال الإنسانية الأخرى، أيضًا حسب قدراته النفسية والبدنية والمادية.
أشهر أقوال الفلاسفة
- سقراط: سر السعادة كما ترى، لا يتم في السعي إلى المزيد، ولكن في تنمية القدرة على التمتع بالأقل.
- كونفوشيوس: كثيرون يبحثون عن السعادة فيما هو أعلى من الإنسان، وآخرون فيما هو أوطأ منه، لكن السعادة هي بطول قامة الإنسان.
- تولستوي: السعادة هي علاقة بين الإنسان والطبيعة، يجب أن لا تُكسر.
- باولو كويلو: شيئان يحرماننا من السعادة: العيش في الماضي ومراقبة الآخرين.
- غاندي: السعادة هي عندما يتوافق فكرك وقولك وفعلك.
- شكسبير: عندما تُدخل السعادة إلى قلوب الآخرين، ستعرف السعادة عنوانك.
- بنجامين فرانكلين: إن السعادة تكمن في متعة الإنجاز ونشوة المجهود المبدع.
- أينشتاين: السعادة لن تأتي أبدًا لأولئك الذين لا يقدِّرون ما لديهم.
- نجيب محفوظ: لا سعادة بلا كرامة.
- توماس سكوت: الفقراء يعتقدون أن السعادة في المال، في حين أن الأغنياء ينفقون المال بحثًا عن السعادة.
أما رأيي المتواضع فيها فأقول: إن كلًّا منا يصبو للحصول على ما يسمى بـ "السعادة"؛ لهذا فقد نختار، وقد نحتار في فهم ماهيتها؛ لأن صلبها قناعة، وشكلها صراحة، أما لونها فهي البساطة عينها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.