للوهلة الأولى عند قراءة هكذا عنوان يذهب تفكيرنا إلى الزراعة البحتة، لكن مرادنا الأجيال التي تنمو في مجتمعاتنا العربية ذوات التربة ثقافية وصفت بالمالحة.
إلا أننا سنخضعها لتحليل وبيان مدى صلاحيتها لنمو هذه البذور، الأجيال، وعند العرض لحالة معينة لا بد من العودة في تاريخها وعرض للظروف التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم.
قد يهمك أيضًا
10 دول يهرب منها أصحاب رؤوس الأموال.. الثانية منها ستدهشك..
تاريخ الإقطاع على مر العصور
فعلى أعتاب القرن العشرين وفي مرحلة احتضار الدولة العثمانية، وصعود القوى الإستعمارية في سعيها للحصول على حصتها من تركة الدولة العثمانية، عملت الدول الأوربية على التخطيط للسيطرة على المنطقة العربية التي لم تكن قد أصبحت دولاً بعد.
وفي مرحلة أولى أتت اتفاقية سايكس بيكو فقسمت المنطقة العربية، وفي مرحلة ثانية عملت على إفقار المنطقة.
وسعت إلى نقل النظام الإقطاعي الزراعي الأوربي إليها، وفي بداية الأمر كان الإقطاع الزراعي ممزوج بالإقطاع السياسي، بحيث كانا خطان متوازيان.
لكن سرعان ما حدث خلل نتيجة التبدلات السياسية فخلت الساحة للإقطاع الزراعي، لكن ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه وفي هذه المرحلة- أعتاب القرن العشرين- أُعيد إنتاج الإقطاع الزراعي على شكل إقطاع سياسي وبرجوازي سيطر على الموقف العام، فضلاً عن مقدرات البلاد الموجود فيها.
وبطبيعة الحال بلدان الشرق الاوسط كانت وما تزال تربة خصبة لأنواع مختلفة من الإقطاع تعيد إنتاج أنفسها تحت عناوين ومسميات شتى.
قد يهمك أيضًا نصيحتان بسيطتان لتوفير المال لم تفكر فيهما
هدف الإقطاع الحقيقي
إلا أن الهدف واحد وهو السيطرة على العامة أو الشعب وتطبيق عقد إجتماعي كالذي قال عنه روسو بشكل أو بأخر هو اتفاق ضمني غير خاضع للقوة لكنه بشكل أو بأخر يخضع للقوة حيناً وللحاجة حيناً أخراً.
السبب يعود إلى محاصرة الإقطاعيين للفئات الكادحة وعدم ترك خيارات أخرى لهم مما يجعلهم يذعنوا ويقبلوا بالواقع.
هذا الأمر على مر السنين ولّد نوع من الحنق والغضب تجاه السلطات الإقطاعية وخاصة في مرحلة تعاقب الأجيال- على الطرفين- وإنعدام الثقة حيناً واللعب على القوانين الإقطاعية التي كانت تُحترم من الجانبين حيناً آخراً.
وقد سعت هذه الأنظمة الإقطاعية بأشكالها المختلفة إلى فرض سيطرتها فكرياً وأيديولوجياً بالتوازي مع السيطرة عسكرياً إذا دعت الحاجة.
وهذا الأمر لم تظهر نتائجه بشكل فوري أو مباشر وإنما بعد فترة طويلة من الزمن، وذلك من خلال سياسة الإفقار والتجويع حيناً وأساليب أخرى حيناً آخر، على أية حال ما يهمنا هنا هو تدمير البنية الأساسية للمجتمع والعمل على ضمان عدم ترميمها.
فكانت عدة أساليب منها وأهمها تدمير العملية التعليمية –كذلك الوعي- في تلك البيئة فضلاُ عن زرع أيديولوجية الخوف والرعب من المجهول أو زرع عدوٍ مجهول.
علاوة على قتل روح الابتكار والإبداع، وقد ساعدهم في هذا الأمر ثلة من الانتهازيين من الأذناب والمتعاملين، بقي هؤلاء في السلطة الإقطاعية وقد حصّنوا مواقفهم بنظام فساد ضَمِن لهم البقاء على سدة السلطة وفي موقع المسؤولية لعقود، ربما لتنفيذ أجندات ما تزال أصداءها إلى يومنا هذا.
قد يهمك أيضًا 7 قواعد ذهبية تساعدك على تحقيق أهدافك
كيف نتخلص من الإقطاع؟
لكن ما يهمنا في هذا الجانب السؤال التالي: ما هو السبيل للتخلص من هذه الانظمة التي تغلغلت أفكارها في العقول؟ وما السبيل إلى إحداث نقلة نوعية تجعل المنطقة تتخلص من كل أشكال الإقطاع؟
لابد من القول بأن يد واحدة لا تصفق، لكن يمكنها ان تُطعم وأن تكتب وتدرّس، لكن ماذا لو كانت عدة أيادي تتشارك في صنع مشهد عام ذو طابع إيجابي؟
هذا الأمر بشكل أو بآخر يحول الصحراء إلى بستان ويحول التربة المالحة إلى تربة صالحة، لكن لا ننسى أنّ المنظومة ككل ستسعى إلى تحطيم أي محاولة للنيل منها ومن جبروتها.
كذلك لا تسمح لهم ببناء هكذا بيئة إيجابية، فيسعى كل من الانتهازيين وبقايا الأنظمة السابقة على تكسير وتهميش أدوار هذه الفئات والأيادي الغضة التي تسعى إلى خلق تربة صالحة.
وقد ينجح هؤلاء –الإقطاعيين- مرحلياً في السيطرة على الوضع، فيأخذوا استراحة محارب وربما يشربوا نخب انتصاراتهم مستعيدين بطولاتهم وأمجادهم السابقة، ويكون الأمر على المقلب الأخر في حالة إعادة انتاج وهيكلة للنهوض بأقوى من ذي قبل.
وهنا تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول هذه الحركة –تحلية التربة- إلى حركة عامة مدفوعة بضغط شعبي موجهة من قِبل فئة مثقفة، وأمام هذا المد سيسعى هؤلاء إلى لملمة الوضع بالمعنى الأمني وربما بنفس العقلية السابقة.
الطريقة التي أكل عليها الزمان وشرب، معتقدين في قرارة أنفسهم أن الامر سحابة صيف، معتقدين أن الظروف هي ذاتها ربما ببعض الترهيب تُحل المشاكل.
لكن السبب يعود الى إنفصالهم عن الواقع بسكرة الانتصارات وساعين إلى حصد المزيد من المكاسب، ربما دون الإدراك مدى التطور الوعي لدى طبقات النشىء.
هذا من ناحية فضلاً عن خروج الأمر عن السيطرة في عرض المحتوى المراد نشره بين الأجيال الجديدة.
قد يهمك أيضًا كيف تنشئ مشروعًا دون رأس مال
تأثير الثقافة بين الأجيال
وهناك عدة أمور تحكم الموقف، يأتي على رأسها الفجوة الثقافية بين الجيلين، علاوة على استخدام أساليب بدائية وعقليات بدائية في مكافحة ومجابهة الحركات -.
هذا يعيدنا بالتاريخ إلى إعتماد العثمانيين على الأسلحة التقليدية في معاركهم في أواخر حياة الدولة العثمانية- فضلاً عن ضعف الثقة في قدرات الأجيال الصاعدة.
هذا الامر ولّد نوع من التحول الانعطاف الكبير على كافة الصعد، فمنذ مطلع الألفية الثالثة كانت العيون تراقب الأجيال الجديدة وتسعى إلى إقطاعها ضمن أيديولوجيات تعود إلى خمسينات القرن الماضي.
نجح هذا الأمر مرحلياً لكن سرعان ما خرجت الأمور عن السيطرة في ثورات فكرية وسياسية في كثير من الأحيان غيرت وتغير وجه المنطقة ككل.
وكأننا أمام انعطاف تاريخي ربما أو ثورة فرنسية بإصدارها العربي، تنبىء بتحول كبير سيشهد له الأجيال القادمة.
خلاصة القول بأن هذه الحركات تعمل على إعادة إنتاج نظام عادل يسعى بالبلاد إلى الوصول إلى إزالة ملوحة تربته التي خلفتها الأنظمة بكافة أشكالها، وجعلها صالحة لبذور أجيال المستقبل التي تسعى إلى الحرية والعدالة والمساواة بعيداً عن كل أشكال الإقطاع في كل زمان ومكان.
قد يهمك أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.