رحلة إلى كرنفال ريو دي جانيرو السنوي

كل عام يندفع آلاف المحتفلين إلى شوارع مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في اهتياج شديد.

ليس في العالم كله إيقاع يشبه إيقاع رقصة سامبا الكرنفال في مدينة ريو دي جانيرو، فهو يتصاعد من الإسفلت الأسود، في مقاطع موسيقية تأخذ الألباب بها تضمه من انسجام بين أصوات الصفائح المعدنية وأجراس الثور الإفريقية والعصي والطبول:

بوم – داه ! بوم – داه ! رات – دادي – آه – داه – ياكيتي – ده – تو – ده!

قد يعجبك أيضًا معلومات عن البرازيل لم تسمع بها من قبل

كرنفال ريو مناسبة مميزة

في أثناء مهرجان الكرنفال، لا تكون الرِّيو مجرد مدينة حافلة بالزينة، بل هي مدينة هائجة، تتفجر نشوة، إنها مدينة خرافية تهوج بأحلام الهلوسة.

والفِرق التي تضم مئات الآلاف من مواطنيها قد أمضت العام كله في الجاهزية والتمرين.

والكرنفال عبارة عن مهرجان قديم لممارسة مراسم الخصوبة. وهو إحدى أعظم المسرحيات النفسية في التاريخ، وهو أعظم نموذج لثقافة المشاركة يُعرض على إنسان هذا القرن.

ويندفع الناس إلى الشوارع يعبرون عن فرحتهم بالكلمات والأغاني والإيقاعات والإشارات والرقصات والمراسم والعروض التمثيلية والتنكرية.

فعندما تدوي طبول الغابات وتتردد أصداؤها على سفوح التلال وفوق الشواطئ، فإن الفتاة المستلقية في خمول على رمال شاطئ يجتاحها الأمل فجأة في أن تصبح من كبرى النجوم، فتخلع عنها ثوب الاستحمام لترتدي آخر مزينًا بالترتر.

وفي الوقت نفسه يستعد محتفلون آخرون كي يمثلوا أحلامهم، فتنطلق الخادمات وعمال غسيل السيارات يذرعون الشوارع في لباس الملوك، في حين يتجول سادة البرازيل وسط الحشود، في ملابس متسولي الشواطئ.

قد يعجبك أيضًا سينما أمريكا اللاتينية: سحر الواقعية

رقصة الفقراء

إن الأساس الذي ينهض عليه هذا المهرجان هو الفقراء الذين يسكنون "الفافيلاس" أي الأحياء الفقيرة والأكواخ. 

فهؤلاء هم الذين نجحوا في خلق أعمق ثقافات العالم الشعبية أثرًا في النفس.

ومدرسة السامبا نادٍ اجتماعي، له نظام هرمي صارم وبرتوكول متشدد، وتسوده إلى حد التعصب روح الفريق والعمل الجماعي.

وبعد انقضاء شهر على هذا المهرجان العظيم -ما يحدث عادة في شهر مارس من كل عام ميلادي- تبدأ المدارس تخطيط الاستراتيجية التي ستتبعها لإحراز قصب السبق في الكرنفال القادم.

أما الجائزة التي يتنافس عليها فهي مبلغ زهيد من المال وتمثال ذهبي وحفل تكريم. وأول قرار يجب على المدرسة اتخاذه هو تحديد موضوع عرضها؛ ومن ثم تطلب من جناحها الذي يضم موسيقيين أن يدرج هذا الموضوع في لحن سامبا للكرنفال.

تضم كل مدرسة للسامبا بين 40 و60 مؤلفًا للأغاني، وينتجون خلال شهر نحو 30 أغنية.

وطوال أشهر فصل الشتاء، يجرب "السامبيستاس" جميع ألحانهم وأغانيهم كي يختاروا منها الأكثر جاذبية واستهواء. 

ويقع الاختيار على سامبا واحدة، تنصرف كل إمكانات المدرسة وبراعتها إلى العمل المركز من أجل إحياء هذه الأغنية.

وتتعاقد المدرسة مع المختصين في الديكور ليتولى التصميم.

يقوم هذا المصمم باستخدام النحاتين ومصممي الأزياء والخياطين والكهربائيين والميكانيكيين لصنع عربات المواكب وخياطة الملابس وتصميم الأجهزة الصوتية، ويتولى المسؤولون تدريب الراقصين، ويتنافس منسوبو المدرسة في طريقة الحصول على الأموال اللازمة.

قد يعجبك أيضًا اكتشاف نوع جديد من الديناصورات بدون أسنان في البرازيل

الحدث العظيم

وبالنظر إلى الواقع، ففي هذا الوقت تبدأ أحلام منسوبي مدرسة السامبا بالليلة الرائعة، إذ يقولون في الريو: "إن أمامك 45 دقيقة لكي تنقش اسمك على الإسفلت"، وأن تؤخذ صورتك وترتدي ملابس تخطف الأبصار لكي تؤدي رقصة مذهلة أو تعرض جسدًا فائق الجمال، صورة تنقل في لمح البصر إلى جميع أرجاء شبه القارة البرازيلية الكبيرة.

قد يعجبك أيضًا رحيل الملك بيليه الأسطورة البرازيلية وهداف الكرة التاريخي

حلم سندريلا

لا شيء يعادل منظر مدارس السامبا وهي تسير في مواكبها. فعند الساعة الثالثة صباحًا، هناك بضعة آلاف من الأشخاص بملابس الكرنفال، وتسمع مقدارًا كبيرًا من موسيقى السامبا، وتشاهد الكثير من الرقص المنفرد.

ويأتيك صوت الطبول الضخمة شبيهًا بتكسر الأمواج الهائجة على صخور بعيدة بارتجاج آلة حفر عملاقة. 

ويتعالى إيقاع الموسيقى، وتمد رأسك لترى في الشارع موكبًا يقترب، يتقدمه راقصون كأنهم طيور ضخمة ترتفع من حقل، يثبون ويتلوون في عنفوان ونشاط تحت أنف الفرقة الموسيقية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة