تعرضت الآثار المصرية منذ القرن التاسع عشر الميلادي؛ لكثير من حوادث السرقة والتهريب من المنقبين وتجار الآثار، وكانت هذه الآثار تحوي قطعًا من الذهب واللازورد والنحاس الأحمر. وقد استطاعت مصر أن تسترد بعضًا منها من المتاحف العالمية.
واسترداد هذه الآثار ضرورة، للمحافظة على التراث الإنساني في البلاد التي صاغته وتفرضه ملكيتها له، ولأنه يترتب على هذه المحافظة في وطنه إتاحة المجال وتنشيط الباحثين لتقديم دراساتهم التي تثري تاريخ الأمة، وتهيئ الأرض لمستقبلها. إنها كنوز لا تبليها أو تستهلكها الأيام، وهي تملك من القوة ما تعيش به المستقبل، كما عاشت في الماضي آلاف السني.
ولقد تقدم الباحث الأثري بسام الشماع ببلاغ للجهات المسؤولة في المجلس الأعلى للآثار لاسترجاع تمثال رأس الملكة نفرتيتي من متحف برلين الذي يحتفظ به منذ عام 2009م.
وكانت فرقة من التنقيب في الآثار المصرية، برئاسة عالم مصريات ألماني يدعي لودفيج بورشاردت قد عثرت بيد عامل مصري من عمالها، من حفدة بناة الأهرام، على هذا التمثال الفريد سنة 1912م، وهُرِّب التمثال إلى ألمانيا. ومن المصادفات الغريبة أنه عُثر في هذه السنة نفسها على تمثال صغير من الحجر الجيري للملك أخناتون زوج الملكة نفرتيتي.
والملك أخناتون هو الحاكم والشاعر ورسول السلام والإخاء والمساواة بين البشر، وأول المبشرين في التاريخ بالتوحيد، ولهذا عُد آخر الفراعنة في الأسرة الثامنة عشرة. وبآخر الفراعنة تقوضت مملكته ودعوته الروحية لمصر الجديدة، وعادت العاصمة القديمة بعد أن أصبحت تل العمارنة، وعادت معها العبادة القديمة لآمون.
ويرجع هذا السقوط إلى أن أخناتون لم يستمع إلى صوت شعبه في دعوته للسلام المسلح، لا للسلام المطلق، ولا بالطبع لمقاومة الفتن بالداخل والغزاة المعتدين من الخارج بالحرب، كما طالبه به قواده. وتحت تأثير هذا التكوين نشأ في مصر لدى شعبها مبدأ التعايش السلمي الذي تقوم عليه الحضارات.
اقرأ أيضًا: قراءة في كتاب نفرتيتي الجميلة
ولا يعرف أحد أصول الملكة نفرتيتي الجميلة ذات الطلعة المهيبة، ومن المرجح أنها أتت مصر من آسيا، وهناك من يعتقد أنها أتت من سوريا التي كان أخناتون يذكرها في خطبه قبل زواجه منها وبعده، ويقدم اسمها، على اسم مصر.
ويؤكد هذين الاحتمالين ملامح وجهها الكمثري، المخالف للوجوه المصرية القديمة. وفي المتحف المصري لوحة مربعة لهذه الزوجة ومعها بناتها الثلاث يحطن بالزوج والأب، الملكة في مواجهة الملك، والبنات واحدة واقفة، والثانية على حجر أمها، والثالثة تقف على ركبتيها.
وتمثال الملكة نفرتيتي يقدر عمره بما يزيد على ثلاثة آلاف سنة. وإذا كان بعض هذه الآثار قليلة القيمة الأثرية، فإن لها من القيمة الفنية ما يجعلنا نحافظ عليها في المتاحف، ونعرضها في الميادين العامة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.