المرأة مخلوقة بالذكاء، ومجبولة على الصفاء، وهي لا تنسى، وقلما تغفر؛ لأنها تحمل قلبًا أقسى، وتجتر ما مضى، وصعب أن تمتلك الرضى، وهي الخليقة الفريدة، ولها الأخلاق المديدة، كما لها الأخلاق الحميدة، والأخلاق المجيدة، ولها في ذكر السوابق حبل، وما لها في نسيان الزلات جهل.
تجعل دموعها تعبيرًا، وتجعل قريبها أسيرًا، ولا تُغلق قلبَها، ولا تقِفُ غضبَها، ولا تطفئُ لهبَها، ولا تُثْلِجُ غيرتَها، ولا تكبحُ حيرتَها، وقلما تمحو السيئات، وتُثبتُ الحسنات، وقلما تقلِّل الشتم، وقلما تُذْهِبُ الوهم، وهي أذكى بسبب دوراتِها الشهرية لارتباطها، وهي أنكى من الثائر لعدم انبساطها، وهي تتقلَّب من الجمر، وتضطرب حتى في السمر، وهي تذكر ما بها مرَّ، وكلَّ ما ساء وما سرَّ.
وإلى الآن لم تكنْ إلا حديث العجَب، ومنالَ التعَب، ومن لم يعرفها جعلتْه في موج الاندهاش، يموج على شُطآنِ الأوباش، وساقتْه إلى التأمل القريب، وإلى التفكر الغريب، ولا تزال تعد الآثام على الأصابع، ولا تغض الطرفَ عن خطايا أهل المرابع، ولا تزال تستمر على هذا الدأْبِ، ولا تستطيع من الرأْب، وربما التجأتْ إلى حفظ تواريخ الذنوب، ولا تزال إلى القلوب من الثقوب، وربما تتجاوز عن قطرة عرَقٍ، أو تبتعد عن جرِّ فِرَقٍ.
ومن ظنَّ المرأة لا تعي، أو هي لا تعرف ما تدَّعي، فلْيعاملْها في الأموال، ولا يتعاملها في الأقوال، وإنه سيعرف أنها تنتظر يوم الاقتصاص، كما تنتظر يوم الامتصاص، وأنها في مرصاد الانتقام، ولا تبالي لو أتتْه عن طريق الإجرام، ولا تكفُّ لسانَها، كما لا تكفُّ بنانَها، وإنما تحاول تقديم نفسها قربَانًا للإيلام، ولا تبالي لو أعطَتْ نفسها ثمنًا للآلام؛ ذلك في البحث عن وسيلة إرضاء النفس، أو في سبيل شحن أوغارها بالرجس، وربما تشرب ماء الفرات من أجل الكظم، أو تُرْغَم بهذا النظم.
فالنسيان عندها مستحيل، والذكر عندها جليل، وما لها نصيب في إطفاء أوحارها، وما لها شيء إلى إنكارها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.