لا بد أنك سمعت من قبل مصطلح (دول البلقان)، فهي إحدى أكثر مناطق أوروبا ازدحامًا بالثقافات والاختلافات العرقية، لذا فهي إحدى المناطق الساخنة التي تكثر فيها الانقسامات والصراعات والحروب على مدار التاريخ، إضافة إلى طبيعتها الجغرافية المميزة.
وفي هذا المقال، نقدم لك مجموعة من المعلومات التاريخية والجغرافية عن منطقة دول البلقان، والتطور الكبير الذي حدث في تلك البقعة على مدار السنوات الأخيرة خلال السطور التالية.
دول البلقان
جاء مصطلح دول البلقان نسبة إلى جبال البلقان التي تقع في جنوب شرق أوروبا، وهي كلمة تركية تعني الجبال المنحدرة، إذ كان الأتراك يعانون كثيرًا بسبب وعورة سطح المنطقة وصعوبة تضاريسها، ورغم أن اسم البلقان قد أطلق في البداية على جبل في بلغاريا؛ فإن كلمة البلقان تداولت بعد ذلك في أثناء الحكم العثماني للمنطقة، لذا انسحبت على جميع الدول الموجودة في المنطقة التي تمتد على مساحة تصل إلى نحو 550 ألف كيلومتر مربع.
الموقع
تمثل منطقة البلقان شبه جزيرة في جنوب أوروبا وتقع بين الجزيرة الإيطالية ومنطقة الأناضول، ويحدها من الغرب البحر الإدرياتيكي، كما يحدها من الجنوب البحر المتوسط، ومن الشرق بحر إيجه، أما الحدود الشمالية فهي ممتدة إلى أطراف نهر الدانوب.
تُعد شبه جزيرة البلقان الثالثة في قارة أوروبا مع إيطاليا وإيبيريا، وتتكون من سلسلة جبال طويلة ومرتفعة تصل في أعلى قممها إلى 3000 م، وتتشكل من مجموعة من الهضاب متوسطة الارتفاع التي يتخللها مجموعة من المجاري المائية الضيقة والأودية، وهو ما يمثل ظروفًا جغرافية صعبة بالمقارنة مع مناطق أوروبا الغربية والوسطى.
التنوع السكاني
أهم ما يميز سكان دول البلقان الذين يصل عددهم إلى أكثر من 40 مليون نسمة هو التنوع العرقي والديني، ويمثل المسيحيون الأرثوذكس نحو ثلثي سكان المنطقة، ولا سيما في دول مقدونيا واليونان ورومانيا، في حين يمثل المسلمون أقل من خمس سكان المنطقة، ويتركزون بدرجة كبيرة في ألبانيا والبوسنة والهرسك، إضافة إلى تركيا التي يقع جزء منها داخل منطقة دول البلقان، كما توجد مجموعات يهودية في ألبانيا واليونان ورومانيا.
وكما أبرزنا التنوع الكبير لسكان المنطقة على المستوى الديني والعرقي، توجد لغات عدة منتشرة في منطقة دول البلقان، والغريب في الأمر أن اللغة الواحدة تُستخدم في عدد من الدول المجاورة، لذا تُستخدم عدد من اللغات في كل دولة، وتأتي على رأس هذه اللغات اللغة اليونانية والتركية، ثم اللغة البلغارية، واللغة الصربية، واللغة الألبانية، كما تضم القائمة لغات أخرى مثل اللغة الكرواتية والمقدونية، إضافة إلى اللغة الإيطالية واللغة الإسبانية.
كم دولة تنتمي إلى البلقان؟
بعد ما تعرفنا على مصطلح دول البلقان الذي يشير إلى شبه جزيرة البلقان، فإننا نتعرف أيضًا على الدول التي تنتمي إلى مصطلح دول البلقان، وهي 12 دولة: ألبانيا، كوسوفو، البوسنة والهرسك، صربيا، بلغاريا، سلوفينيا، كرواتيا، تركيا، الجبل الأسود، اليونان، مقدونيا، ورومانيا.
وعند الحديث عن دول البلقان، نوضح أن بعض الدول تقع بكاملها في منطقة البلقان، مثل ألبانيا وبلغاريا والجبل الأسود وكوسوفو ومقدونيا واليونان والبوسنة والهرسك، في حين يقع جزء من بعض الدول الأخرى في شبه جزيرة البلقان، مثل كرواتيا ورومانيا وصربيا، كما يقع جزء بسيط جدًّا من الأراضي التركية في منطقة البلقان لا يتجاوز 3% من مساحة تركيا. إضافة إلى ذلك، فإن جزءًا بسيطًا لا يكاد يُذكر من الأراضي الإيطالية يقع في منطقة دول البلقان، لذا لا تُذكر إيطاليا بكونها ضمن دول البلقان.
تاريخ دول البلقان
منذ عام 1389، ومنطقة البلقان تحت حكم الدولة العثمانية، وهو ما استمر حتى أواخر القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، إذ بدأت كل من الإمبراطورية النمساوية والإمبراطورية الروسية في شن هجمات وحملات متتالية لاسترداد الأراضي، وهو ما ترافق مع عدد من الثورات المحلية التي أدت إلى تراجع نفوذ العثمانيين وإجبار كثير من المسلمين على الردة أو اعتناق المسيحية.
وفي عام 1803، أقيمت أول إمارة مستقلة تحت نفوذ صربي، وتبعتها إمارة يونانية، ثم بدأت منطقة كرواتيا تحصل على الحكم الذاتي حتى سقطت الدولة العثمانية بعد أحداث الحرب العالمية الأولى، وهو ما جعل منطقة البلقان تخضع لتقسيم دولي بعد الحرب العالمية الثانية الذي جعل معظم دول المنطقة تحت جناح المعسكر الشيوعي الشرقي. ومع توالي الأحداث العالمية وانهيار المعسكر الشرقي، بدأت دول البلقان تحصل على استقلالها واحدة تلو الأخرى.
وعلى الرغم من تقسيم واستقلال دول البلقان؛ فإن عددًا من النزاعات والصراعات والقضايا المستمرة في منطقة البلقان، نظرًا لطبيعتها الجغرافية وصعوبة تحديد المساحات ووضع الحدود بين دولها، إضافة إلى التنوع العرقي والديني والثقافي الكبير، إضافة إلى كونها أقل مناطق أوروبا تطورًا وثراءً، مع أنَّ عددًا من دول البلقان تشارك في تجمعات دولية كبيرة.
فعلى سبيل المثال، دخلت كل من بلغاريا ورومانيا وسلوفينيا واليونان وكرواتيا ضمن الاتحاد الأوروبي، في حين تتفاوض كل من تركيا ومقدونيا وصربيا والجبل الأسود للدخول، وتسعى دول أخرى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو.
المناخ
نظرًا للتنوع الجغرافي الكبير الذي يميز منطقة دول البلقان، ونظرًا لوجود التضاريس والمسطحات المائية؛ فإن المناخ أيضًا يتميز بالتنوع. فعلى طول سواحل بحر إيجه والشواطئ الأدرياتيكية، يسود مناخ البحر المتوسط، فيما يسود على سواحل البحر الأسود المناخ شبه المداري الرطب. وفي المناطق الداخلية، يسود المناخ القاري، أما الشيء المشترك في مناخ دول البلقان فهو الأمطار والرطوبة التي توجد طوال العام في معظم المناطق.
وفي النهاية، نوضح أن مصطلح دول البلقان يضم عددًا من الدول التي تختلف في ثقافتها وتوجهاتها السياسية ومستوى النضج الديمقراطي، ولذلك، لا يوجد تعميم لهذه الدول سوى أنها تشترك فقط في مصطلح دول البلقان؛ لذا فإن أي معلومة عن أي دولة من هذه الدول لا ينطبق بالضرورة على الدولة المجاورة، باستثناء الرغبة الجماعية الموجودة لدى دول البلقان بأن تكون جزءًا من المجتمع الأوروبي المتقدم والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأخيرًا، نتمنى أن نكون قد قدمنا لك المتعة والإضافة، ويُسعدنا كثيرًا أن تُشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.