في كل عصر من العصور تجد شخصًا ما اسمه محفور في التاريخ، لا نقصد أن التاريخ يذكره وحسب، ولا نقصد حتى أن الناس يتذكرونه جيدًا، بل نقصد أن اسمه منحوت بقوة في التاريخ، أو أن التاريخ بطريقة أو بأخرى كان يدور حوله، كأنه هو الذي أمسك كتاب التاريخ وكتب تاريخه بنفسه، واختار ما يريد أن يقوله الناس عنه، وبلا شك أن أحد أهم هؤلاء الأشخاص هو رمسيس الثاني.
في هذا المقال نتحدث عن دور رمسيس الثاني في بناء المعابد الكبرى، وهي طريقة رمسيس الثاني المفضلة في الحديث عن نفسه، ووضع بصمته الخاصة، بصمة كبيرة تليق بتاريخه الكبير، لذا تعال معي في جولة نتحدث فيها عن صولات وجولات رمسيس العظيم في المعابد.
لماذا لقب رمسيس الثاني ببطل الحرب والسلام؟
قبل الحديث عن معابد رمسيس، نذكر نبذة بسيطة عنه، ولد رمسيس في عام 1303 ق.م. لوالده الملك سيتي الأول، وقبل أن يجلس على العرش، شارك والده في الحكم والحملات العسكرية منذ الرابعة عشرة، لدرجة أنه لقب بـ"الحاكم الشريك لوالده"، وقد حكم البلاد لمدة تتجاوز الـ78 عامًا، وهي واحدة من أطول مراحل الحكم في تاريخ الإنسانية.
أما عن سبب تسميته بطل الحرب والسلام، فذلك يرجع للحرب التي قادها تجاه الحيثيين والتي تعرف بـ"معركة قادش"، وقد استمرت لمدة تصل إلى 15 عامًا بذل فيها رمسيس الثاني من الشجاعة أقصاها، وبعد ذلك عقد معاهدة سلام مع نظيره الملك "خاتوشيلي" ونتيجة لذلك لقب ببطل الحرب والسلام.
من الذي شيد معبد الرمسيوم؟
بنى رمسيس الثاني معبد الرمسيوم لكي يكون شاهد عيان على مجد رمسيس الثاني وعلى عظمة حكمه، وقد استغرق بناؤه نحو 20 عامًا، وقد نقشت على جدرانه تفاصيل ملحمة رمسيس الشهيرة "قادش".
ما المعابد التي بناها رمسيس الثاني؟
وفي ما يلي بعض المعابد التي بناها رمسيس الثاني:
معبد الرمسيوم
استغرق بناؤه عقدين من الزمان، ويتألف الآن من بقايا طرق وأعمدة محطمة وصرح كبير، ولكن الصرح قد وقع نصفه، ومجموعة من المطابخ العامة ومبانٍ للجزارة، بالإضافة إلى مدرسة كانت لتعليم أبناء العاملين، حيث كان يبدأ الأهالي في إرسال أبنائهم من سن 5 سنوات حتى العاشرة، وتبلغ المساحة الإجمالية للمعبد نحو 11880 مترًا مربعًا، إذ يبلغ طوله 180 مترًا والعرض 66 مترًا.
معبد أبيدوس
بناه الملك رمسيس الثاني بعد ما أتم بناء معبد والده الملك سيتي الأول في المدينة نفسها، ويبعد نحو 270 مترًا عن معبد والده، وقد بني المعبد في عام 1250 ق.م. وكان يتكون من الحجر الجيري، بطول 157 مترًا وعرض 56 مترًا.
معبد أبو سمبل
أشهر معابد رمسيس الثاني على الإطلاق ومن أجمل المعابد في التاريخ، بناه رمسيس في النوبة من أجل إبهار النوبيين بقوة الدولة المصرية وجعلهم مصريين، حيث كانت النوبة من البلاد المهمة بالنسبة لمصر.
ويتكون معبد أبو سمبل من معبدين، معبد للملك ومعبد لزوجته الملكة نفرتاري، والمعبدان منحوتان في الجبال، ونقلتهما اليونسكو عام 1960 خوفًا من تعرضهما للغرق بسبب إنشاء السد العالي، يذكر أيضًا أن ذلك هو المعبد التي تحدث فيه الظاهرة الشهيرة "تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني".
معبد الكرنك
أقدم وأكبر دار عبادة في التاريخ، وأحد أهم المعابد المصرية على الإطلاق، صحيح أن رمسيس الثاني لم يبنهِ بنفسه ولكنه أجرى تعديلات وتوسعات في المعبد، حيث إن هناك فناء كاملًا باسم رمسيس الثاني، وفي المعبد تمثال ضخم لرمسيس الثاني وزوجته.
معبد رمسيس الثاني بأخميم
في عام 1981 تقرر إنشاء معهد أزهري على قطعة أرض كانت مكبًّا للنفايات، وفي أثناء الحفر في الأرض، وجد المقاول جزءًا من تمثال أثري، وسرعان ما أبلغ هيئة الآثار، ليتوقف البناء ويكتشف أن ذلك التمثال هو أكبر تمثال لسيدة في العالم، تمثال ميريت أمون ابنة رمسيس الثاني، ويبلغ طوله أكثر من 11 مترًا بوزن 35 طنًّا، وبجواره تمثال لرمسيس الثاني مفتت إلى 70 قطعة.
ولم يظهر الاكتشاف إلى النور حتى الآن، ويتوقع أن يصبح ذلك الاكتشاف طفرة في عالم الآثار والمصريات، حيث وجدت أيضًا تماثيل يونانية وأجزاء من كنيسة في محيط المعبد المتوقع.
أترى كل تلك الآثار العظيمة؟ هي لا شيء بالنسبة للملك العظيم رمسيس الثاني، فنحن نتحدث عن ملك لم يترك ملعبًا في التاريخ إلا ولعب فيه، وكما قلنا إنه لم يترك التاريخ ليدون إنجازاته، بل هو الذي أخذ القلم من كاتب التاريخ وأبدع في الكتابة كما يحلو له.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.