دور المسلسلات التركية في تفكك الأسر ودمار المجتمع

في هذه المسلسلات، تتنوع المشاهد ما بين مشاهد عنف ومشاهد عاطفية ومشاهد كذب واحتيال ومشاهد ألم ودموع، وهذا التنوع قد يتسبب للمشاهد الطفل بتشويش الأفكار، ويبقى منشغل التفكير بمسائل حياتية أكبر من عمره وبأحداث مسلسل وهمي وأبطاله وهميون، فتراه يجلس يحدث أصدقاءه عن أحداث المسلسل وكأنه واقع، وقد ينفعل وهو يصف سلوكيات الممثلين، ما يؤثر في نوعية أفكاره واهتماماته.

فبدلًا من أن ينشغل بكيفية تعلم الرسم أو القراءة أو حتى تنمية مهارة ما، فإنه ينشغل بالمسلسل ويحرص على عدم تفويت أي حلقة.

خطر مشاهدة المسلسلات التركية على الأطفال

وإن الخطر يزداد إذا ما استمر الطفل في متابعة المسلسلات حتى يكبر، وقد تؤثر المسلسلات على حياة الفرد على المدى البعيد وتسبب له مشكلات اجتماعية ونفسية، فلو تخيلنا فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات تشاهد مع أمها مسلسلاتها اليومية، فلا بد من أمرين:

أولًا: إن الأم التي تحافظ على مشاهدة التلفاز باستمرار لن يكون لديها الوقت الكافي للتحدث مع ابنتها وتوعيتها بأمور الحياة وما هو الصواب وما هو الخطأ.

مع أنه من الجلي لنا أن نوعية الأم التي تسمح لابنتها بمشاهدة هذه المسلسلات بانتظام لا تعي أصلًا أهمية التوعية والتهذيب لأطفالها.

ثانيًا: لا بد لهذه الفتاة التي نشأت على مشاهدة هذه النوعية من المسلسلات أن تتأثر بما تشاهده، ولا بد لها أن تقارن ما تشاهده بما تعيشه من حياة، فمن المؤكد أنها لن تكون راضية عن حياتها التي تعيشها، فمهما كانت حياتها جميلة، لن تكون أبدًا بجمال حياة أبطال المسلسل.

ففي المسلسل، على الأغلب، فإن البطلة دائمًا بأجمل طلة وأحلى هندام حتى لحظة الاستيقاظ من النوم. لا نجدها تواجه مشكلة في ترتيب شعرها مثلًا، فهو مرتب دائمًا، ولا تنشغل بتنظيف أو كي ملابسها، فهي دائمًا بأفضل صورة.

حتى لو كانت البطلة تؤدي دور الزوجة وأم الأطفال، فإن أطفالها دائمًا يكونون مطيعين ومرتبين، ولا تواجه معهم الأم أغلب المشكلات التي تواجهها الأمهات مع أطفالهن.

صورة غير حقيقية للحياة

باختصار، الحياة في المسلسلات التركية والمعربة منها تكاد تكون مثالية وغير واقعية، والمشكلات التي تواجهها الأسر في الواقع لا وجود لها في هذه المسلسلات.

ونجد أن المشكلات تقتصر في هذه المسلسلات على صعوبة التعبير عن المشاعر للحبيب مثلًا، أو عدم التواصل بين الأحبة، أو وجود العذال بينهم، ونحن نعلم جميعًا أن الحياة الحقيقية فيها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وغيرها كثير.

ونعود لمثالنا لنجد أن الفتاة التي تنشأ على مشاهدة مثل هذه المسلسلات يترسخ لديها في اللاوعي تصور الحياة المرفهة والرغيدة المليئة بالرومانسية، ما يجعلها تتصور أن هذه هي الحياة التي ستعيشها بعد الزواج.

مشاهدة المسلسلات التركية

وهذا يمثل لها صدمة بعد أن تتزوج وتواجه المشكلات الحقيقية التي تواجه أغلب الأسر، وقد يصل بها الحال إلى الطلاق وتدمير الأسرة خاصة بوجود الأطفال.

هذا فضلًا على كثير من الآثار السلبية التي تنتج عن انتشار هذه المسلسلات، مثل حث المشاهد على تقبل المنكر واعتباره أمرًا عاديًا، أو التعاطف مع البطل الخارج عن القانون، أو تبرير الخيانة وغيرها من الأفكار الخاطئة التي إن لم نحاربها ستكون سبب خراب المجتمع.

وأخيرًا، فإن التوعية بخطورة هذه المسلسلات هي الحل الأمثل للحد من خطورتها وأثرها على المجتمع؛ لأن ذلك مهم للمحافظة على صحة الأفراد النفسية، والمحافظة على اللبنة الأساسية في المجتمع، ألا وهي الأسرة السليمة المترابطة والمتماسكة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

بالفعل المسلسلات تلعب دورا في تنشئة الأفراد .. ينبغي أن يكون هناك رقابة على متابعة ماهو مفيد
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

نعم صحيح ....وللاسف اصبحنا نرى هذا الأثر في حياتنا الواقعية من حالات طلاق وعنف
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة