القيم الثقافية هي مجموعة العادات والتقاليد التي تحكم مجتمع معين، يجب على الفرد الذي يعيش في ظل هذا المجتمع أن يكون على دراية تامة بها وبتفاصيلها كافة، ومن هذا المنطلق علينا أن نتعرف إلى دور القيم الثقافية في تكوين السلوك الاجتماعي.
في إطار الوعي بأهمية السلوك الاجتماعي وتأثره بالقيم الثقافية، كان لزامًا علينا أن نحدد ما القيم الثقافية التي تحدث التأثير الإيجابي للسلوك الاجتماعي والعكس، وهل تدخل الضغوط الاجتماعية كونها عاملًا جديدًا يحسم تلك المعادلة، ويؤثر فيها، ويقلب الحسابات بها؟
دور القيم الثقافية في تكوين السلوك الاجتماعي
توجد مجموعة من القيم الثقافية التي حتمًا ينتمي إليها كل فرد في المجتمع، وتسود هذه القيم في المجتمع، ويقبل بها أفراده، ويكونون مجبرين على الالتزام بها، وعندما يبدأ فرد في المجتمع في الانسلاخ من تلك القيم الثقافية فسوف ينقلب ذلك عليه ويكون من الأفراد المنبوذين في المجتمع، ويبدأ أفراد المجتمع الآخرين في التنظير عليه، ووضعه في مكان أدنى في المجتمع.
توجه القيم الثقافية السلوك الاجتماعي، فيتصرف كل فرد من أفراد المجتمع في المواقف كلها وفقًا للقيم الثقافية التي يراها من المجتمع، وتتناقل تلك القيم من جيل إلى جيل آخر، ولا نغفل أن لكل جيل بصمته التي تعدل هذه القيم، لكن في النهاية لا تتغير من جذرها إلا فيما ندر.
وفي ظل هذا العصر الممتلئ بالتقلبات الاجتماعية، فإن دور القيم الثقافية في تكوين السلوك الاجتماعي يكون بارزًا في النقاط التالية:
- تؤدي القيم الثقافية دورًا بارزًا في تكوين الهوية الشخصية الخاصة بالفرد، وبناءً على هذه الهوية تتحدد المكانة الاجتماعية للفرد وسط المجتمع الذي ينتمي إليه، يستطيع الفرد بناء صورة ما عن نفسه، وعن وضعه وسط المجتمع بناء على المعتقدات الثقافية التي ينتمي إليها.
- كما قلنا سابقًا، فإن القيم الثقافية توجه السلوك بناءً على المعتقدات والتقاليد الثقافية التي يرثها المجتمع، ويلتزم بها أفراد المجتمع، ويحاربون وينبذون من يحاول الحياد عنها، أو من يدعو إلى ذلك، وتشمل هذه العادات والتقاليد والعادات الاجتماعية التي تحدد طريقة التعامل بين الأفراد في المناسبات المختلفة؛ مثلًا: مناسبات الزواج والعزاء، حتى في تناول الطعام وغيرها من التفاصيل التي تحدث بين مجموعة من الأفراد، حتى إنها تؤثر في نوعية الطعام الذي يتناولونه على مناضدهم، وتشمل المعتقدات الدينية وكيفية التعامل مع الشعائر الدينية، وكيفية تطبيق الأحكام الدينية على الأمور الحياتية المختلفة.
- تطوير السلوك الاجتماعي للفرد، تتطور مهارات التواصل مع الأشخاص الآخرين؛ إذ يبنى هذا التواصل على أساس القيم الثقافية الخاصة بالفرد والخاصة بالأفراد الذين يتعامل معهم، فيجب عليه التعامل مع هؤلاء الأفراد بناء على هذه العادات والتقاليد؛ لكي ينال قبولهم واحترامه، لذا يحظى بمكانة طيبة بينهم.
- تنقل القيم الثقافة الموروثات الثقافية والتاريخ، وعلى هذا يتأثر السلوك الاجتماعي بتلك الموروثات، فمن الصعب على أنواع معينة من المجتمعات أن تتعامل مع قيم ثقافية مستحدثة، وتفضلها على القيم الثقافية التي ورثوها عن الآباء والأجداد.
تأثير الضغوط المجتمعية في الأفراد
نرى حولنا كثيرًا من الضغوط الاجتماعية، وهي الناتجة عن التعامل مع الأفراد الآخرين في أمكنة كثيرة؛ مثل: التعامل مع الأشخاص في أمكنة مزدحمة، فتظهر أنواع مختلفة من الأشخاص الذين من الممكن أن يمثلوا نوعًا من أنواع الضغوط الاجتماعية على الفرد.
ويوجد أيضًا أنواع مختلفة أخرى من الضغوط الاجتماعية؛ مثل تلك الضغوط التي تقع على عاتق الفرد نتيجة للظروف الاجتماعية، وتتكون تلك الظروف بفضل القيم الاجتماعية التي قد تمثل عبئًا على الفرد، فيكون في حالة من الرفض والمقاومة لها باستمرار، ويمكن التعرف إلى تأثير الضغوط المجتمعية على الأفراد وعلاقتها بالقيم الاجتماعية عبر مجموعة النقاط التالية:
- ينبع تأثير الضغوط المجتمعية في الأفراد من منبع هذه الضغوط، فإنها تنبع من التزامات الفرد تجاه مجتمعه أو تجاه الأفراد المسؤول عنهم، وفي العموم يتعرض الشخص أو الفرد لضغوط اجتماعية كبيرة عندما يتعرض لمجموعة من المثيرات السلبية، قد تكون هذه المثيرات مثيرات لفظية أو اعتداءً جسمانيًا، أو من ظروف اجتماعية لا استطاعة للفرد أن يتحكم فيها، أو يخفف من وطأتها، ومن ضمنها الظروف الاقتصادية.
- تؤدي الضغوط الاجتماعية إلى إصابة الفرد بأمراض نفسية وعقلية بناءً على قوة هذه الضغوط، ومن ضمن هذه الأمراض تجد مرض الاكتئاب والقلق المرضي أو القلق المزمن وأيضًا الحزن المستمر.
- ومن ضمن الأمور التي تسبب الضغوط وتؤثر تأثيرًا قويًّا في الفرد تجد سعي الفرد نحو المكانة في المجتمع، أو من أجل المحافظة على وضعه الاجتماعي أو المحافظة على مصدر رزقه، ولا سيما إن كان مهددًا فيه على نحو كبير، وهذا يلقي الضوء على سلوكه في المجتمع ويؤثر على نحو ملحوظ في ذاته أو في الأفراد في المجتمع، فمن الممكن أن يكون أكثر عدوانية أو يكون أكثر سلبية بين أقرانه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.