عندما نتحدث عن أول شيء يؤثر في الطفل وفي شخصيته حينما يكبر وينضج فسوف تكون الأسرة هي على رأس قائمة العوامل المؤثرة في شخصية الطفل. حيث يتعرض الطفل لمجموعة معقدة من المواقف الحياتية في مراحل نموه المختلفة، وبالطبع يكون للأسرة النصيب الأكبر منها.
يسأل الشخص الذي يريد تكوين أسرة عن أهمية دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل. فمن يريد تكوين أسرة أو من عنده أسرة فعلًا، فإنه في المقام الأول يريد أن يعيش دور الأب أو تعيش دور الأم. ولكن يتطلب هذا الدور كثيرًا من المهام والمسؤوليات الحساسة المؤثرة مباشرة في حياة وشخصية الطفل.
ما دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل؟
أجمع خبراء علم النفس على أن تنشئة الطفل تحت مظلة أسرة تنتشر فيما بين أفرادها المحبة والأجواء الإيجابية، سواء بين الأب والأم أو بين الأخوات، فإن هذا يلقي بظلاله على شخصية الطفل، وينشأ نشأة سليمة، ويكون شخصًا جيدًا مفيدًا لنفسه وللمجتمع من حوله. وبالطبع إن تخيلنا العكس فهو نقيض ما ذكر فيما سبق.
فإن نشأ الطفل في أسرة مفككة فسوف تترعرع بداخله بعض الصفات السيئة، ومنها صفة الأنانية المفرطة، حيث لن يكون مهتمًّا سوى بنفسه حتى ولو على حساب مصالح الآخرين، أو حتى إن أصابهم الضرر ولو وصل إلى أقصى درجاته، وأيضًا يكون عنيفًا أكثر من اللازم في التعامل مع من حوله سواء كان في عمره أو أصغر أو أكبر.
إذن فالبيئة الأسرية الداعمة للطفل سيكون لها تأثير مباشر في تطوير شخصيته من الناحية الاجتماعية ومن الناحية النفسية والعاطفية. وذكرت دراسات كثيرة تأثير الدعم الأسري في عقل الطفل، وزيادة معدل إدراكه، وتحسين ردة فعله إزاء المواقف التي تحتاج إلى سرعة في الإدراك ورد الفعل.
أهمية دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل
عند التحدث عن أهمية دور الأسرة لإحداث التنمية المنتظرة في شخصية الطفل وحياته عمومًا، فيمكننا تلخيصها في السطور التالية.
ولكن، قبل التحدث عن أهمية هذا الدور الفعَّال في شخصية الطفل يجب أن نذكر أمرًا مهمًّا، وهو أن هذا الدور سيكون ذا فاعلية فائقة إن أدرك الآباء متى يقومون به، وما هو بالضبط، ولا يدخرون لا وقتًا ولا مجهودًا في سبيل ذلك.
الاستعداد للتعلم
كما أشرنا فيما سبق، فيجب أن يعي كل من الأب والأم دورهم وكيف ينفذونه ومتى. فكثير من الآباء لديهم نظرة قاصرة إزاء دورهم نحو أبنائهم. فمن الآباء من يرى أن كل ما عليه هو أن ينفق الأموال من أجل تعليم الطفل ومن أجل جلب المستلزمات التي تعينه على الانتظام في التعليم.
لكن يجب أن يدرك الآباء التوقيت الذي يستعد الطفل فيه لتلقي مهارة جديدة، فلا يسعون إلى تعليمه شيئًا جديدًا بإكراهه على ذلك دون أن يملك الاستعداد الكافي لهذا الأمر. فمثلًا، يمكن للطفل في عمر السبعة أشهر أو الثمانية أشهر أن يمسك كوبًا في يده ويشرب الماء أو العصير؛ فيجب على الأب أو الأم ألا يعلِّما الطفل هذه المهارة قبل هذا السن. فهذا كالتي تدخل طعامًا معقدًا إلى بطن الطفل قبل سن ستة أشهر، فحتى إن أكل الطفل هذا الطعام يمكن أن يؤثر في صحة المعدة في المستقبل.
إذن، مراعاة استعداد الطفل للتعلم لن تؤثر فقط في التحصيل الدراسي، بل ستؤثر في صحته البدنية والنفسية، وكذلك العاطفية تبعًا لذلك.
تنمية طموح الطفل
بطبيعة الحال، حينما يكبر الطفل تبدأ تتكون لديه الرغبة في إنجاز أمور كثيرة تتعلق بالدراسة، أو بالألعاب التي يحبها، إن كانت رياضة أو حتى مجرد اللهو مع نفسه أو مع الأصدقاء. وهنا، لا بد من تدخل الآباء من أجل إعلام الطفل بحدود قدراته في الوقت الحالي، وأن يبثوا فيه الروح لكي يتعلم وينمي هذه القدرات؛ لكي يتمكن من تنفيذ ما يتطلع إليه في المستقبل.
مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل إن حاول الوصول إلى أمر ما، وفشل في الوصول إليه فينبغي عدم توبيخه على نحو غير لائق من الأب أو الأم أمام الناس، سواء الأقرباء أو الغرباء، أيضًا عدم مقارنته بطفل آخر من سنه أو أكبر أو أصغر حقَّق ما فشل فيه هذا الطفل؛ لأن ذلك سوف يزعزع صورة الطفل عن ذاته، ويجعله يعزف عن تعلم أي مهارة جديدة، أو تجديد المحاولة فيما يحبه بعد تطوير المهارات والقدرات اللازمة لذلك.
دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل الاجتماعية
لماذا نجد أطفالًا يتعاملون مع الغرباء بمنتهى الأريحية، وآخرين لا يمكنهم التعامل بهذا الهدوء والاستقرار؟ تكمن الإجابة في كلمة واحدة، وهي الأسرة. فتنشئة الطفل في جو أسري هادئ، بعيدًا عن المشاحنات والخلافات الحادة، وسط بيئة إيجابية لا تصيبه بالخوف الزائد عن الحد من التعامل مع الآخرين، كل ذلك له أثر طيب في تنشئة الطفل بطريقة صحيحة وسليمة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.