هناك مجموعةٌ من الناس سواء قريبين أم لا عند معرفتهم أنك تريد زيارة طبيبٍ نفسيٍّ وتحتاج إلى علاجٍ يتعاملون معك بحرصٍ، وربما ليس القليل من الناس، بل شريحة كبيرة منهم يرون أن كل من يزور طبيباً نفسياً هو شخص مجنون ولا تأويل لهم غير هذا؛ لأن المرض الذي يصيب العقل عندهم هو الجنون، وينعتوه بالمُبذِّر لإهداره ماله بزيارة طبيب نفسي، وفي نظرهم أن المختل هو من يدرس الطّب النّفسي على حساب دراسة الجراحة مثلاً، فبالنسبة لهم الأمر لا يتعدَّى الخُرافة.
كثيراً ما تسمع أشخاصاً يصفون مصابي الاكتئاب والقلق الاجتماعي بلفظ (بيدلعوا) أو ربما وصفوهم بقولهم (عيال فرافير)، ففي نظر الغالبية العظمى من المجتمع العصري أن العلاج الوحيد للاكتئاب هو الطُّقوس الدُّينيَّة كالصلاة في المسجد أو الكنيسة، لا سبب للضيق عندهم إلا البعد عن الله، ويتجاهلون ما هو دون ذلك.
وغالباً ما تلحق نظرة العار للمريض النفسي، فإذا ترددتَ على عيادة طبيبٍ نفسي لأصبحتَ في نظر الجميع شخصاً خطرًا، وربما مجنوناً لا يُرى إلا بعين الحذر والشَّفقة، ويتجنب البعض من الجلوس جواره، وقطعاً سيتم إبعاد كافة الأطفال عنك لأنك في نظر الأغلبية مجنون.
وليس المريض فحسب فالطبيب أيضاً يُعامل على أنه مريض نفسي، فوسائل الإعلام تُظهر الطَّبيب النفسي على أنه مجنون، وأن معاملته مع المرضى غير أخلاقية، وقد حان الأوان ليعي المجتمع أن المرض النفسي لا يقل خُطورة عن المرض العضوي، وأن الاكتئاب قاتل مثل السرطان والفشل الكلوي، والمرض النفسي كأيِّ مرضٍ يحتاج إلى علاجٍ طبِّيٍّ وليس إلى نصائح مهنية فقط.
ويجب الاهتمام بفتح عيادات نفسيّةٍ في المستشفى الطُّلابيّة، فاهتمامنا بصحتهم النّفسيّة يجب ألّا يقل عن اهتمامنا بعلاج الكسور والجروح العُضويّة لهم، فهم في بداية صراعهم مع الحياة، ويتلقّون الصَّدمة الأولى، ولا أحد يدري مدى قوة الصدمات على نفوسهم، ومن منهم قادرٌ بما يكفي على تحملها.
Dec 15, 2021
مقال جميل
ارجو ان تقرا مقالاتى و تعطينى رايك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.