"عبد العزيز" عطاءُ عهدٍ مشرقٍ قُطْبُ الرحى سعدُ الزمان عمادُ
تاجُ الملوك سراجُهم ومــــــلاذُهم وغياثُهم إن هزَّهم إرعـــــــــــادُ
أجريت من غُر التقاني موجـــــةً فخر البلاد بزهـــــــــــوها ميّاد
اقرأ أيضاً مفهوم الشعر العربي الجديد في المجتمع النيجيري ج2
المسافات بين الشاعر والملوك
إن بعد المسافات بين الشاعر وبعض الملوك جعله لم يُطلِ المدح فيهم، ولأنه قصد الملك فهدًا دون غيره، سرد أسماء هؤلاء الملوك دون الوقوف على أهم إنجازاتهم في عهدهم، فنراه يشبِّه الملكَ عبدَ العزيز بالعطاء -وقلنا سابقا إن هذا التشبيه لا جديد فيه- ولكن نريد أن نعرف لماذا شبَّهه بقطب الرحى.
يقول الزمخشري: "ومن المجاز: هو قطب قومه: سيدهم".
قال ابن منظور: "القطب: كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك، صغير أبيض، لا يبرح مكانه، وإنما شُبِّه بقطب الرحى: وهي الحديدة التي في الطبق الأسفل من الرحيَين، يدور عليه الطبق الأعلى، وتدور الكواكب على هذا الكوكب الذي يقال له".
اقرأ أيضاً مفهوم الشعر العربي الجديد في المجتمع النيجيري ج4
بعض القضايا البلاغية
ونستفيد من المعنى المجازي الذي قاله الزمخشري والذي قاله ابن منظور من التشبيه أن الشاعر يصفه بالسيادة وعدم براحه الجزيرة العربية بعد أن رجع من الكويت.
ثم جاء وشبّه الملك فهدًا بـ "التاج وسراج وغياث وملاذ وفخر"، فالتاج على الرأس زينة الملوك، والسراج هداية لمن يستنير، والغياث لمن في الوجل، والملاذ للاجئين، والفخر لمن له الاعتزاز والمكانة، فلننظرْ كيف والَى الشاعر بين هذه الألفاظ، وكيف رتّبها، وكلها رموزٌ، وفكُّها يحتاج إلى التفكير الثاقب، وكل هذه التشبيهات انصبَّتْ انصبابًا.
لا تخلو قصائد الشاعر من الفنون البيانية والبديعية، وتلك طبيعة كل قصائد الشعراء، ولكن مع انتشار ظاهرة التشبيه والاستعارة كثرت دراسات وبحوث، ولكن هناك ظواهر أخرى قلما يتصدى لها بعض الدارسين، وهي ظاهرة التكرار.
اقرأ أيضاً دراسة شعر الشاعر النيجيري السعودي إبراهيم شئث
التكرار الاصطلاحي ووظيفته
التكرار اصطلاحًا: الإتيان بشيء مرة بعد أخرى، وقد قسمتْ سليمة جيدل مفهوم التكرار حسب القِدَم والجِدَّة، مفهوم التكرار عند القدامى وعند المحدثين، فأما عند القدامى فاستشهدت بقول ابن جنِّي في "الخصائص" فقد قال: "اعلم أن العرب إذا أرادت المعنى مكنَّتْه واحتاطتْ له.
فمن ذلك: التوكيد وهو على ضربين: أحدهما تكرير الأول بلفظه وهو نحو قولك: قام زيد، قام زيد، ضربت زيدًا ضربت، وقد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
والثاني: تكرير الأول بمعناه، وهو ضربان: أحدهما للإحاطة والعموم، والآخر للتثبيت والتمكين.
فالأول كقولنا: قام القومُ كلُّهم، والثاني نحو قولك: قام زيد بنفسه"، وعند المحدثين يقول رجاء عبد في كتابه "لغة الشعر قراءة في الشعر العربي الحديث": "إذ يتميز التكرار في الشعر الحديث عن مثيله في الشعر التراثي بكونه يهدف بصورة عامة إلى اكتشاف المشاعر الدفينة وإلى الإبانة عن دلالات داخلية فيما تشبه البث الإيحائي".
بعض أبيات الشعر العربي الحديث
ملِكٌ حكيمُ رأيُه وقـــــــــــرارُه لا العسف يمهره ولا استبدادُ
فالأمر شورى والقضاء مُحكَّمٌ وهما لأركان البناء مهـــــــادُ
فالحكم عدل والشريعةُ عــطره وهما لأنسجة النظام عمـــــادُ
من فطِن إلى: "حكيم، محكَّم، الحكم" وجدها من الجذر الواحد، فهي من مادة (ح - ك – م) كما يقول ابن فارس: "الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو المنع، وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم"، ويقول: "والمحكَّم" المجرَّب المنسوب إلى الحكمة".
ونرى هذه الأبيات توالتْ، ولم يفصل بينها بشيء، وكأنه يقول لنا إنه لا يظلم أحدًا، وهناك ما هو أكبر من ذلك، لكنه لم يبزَّه، فالدارس يمكنه الوقوف على بعض ملامح ذلك من خلال توالي الأبيات دون فصلٍ بينها، ولعله يلفت أنظار السامعين إلى الملك ليزول عنهم الشك الذي فيهم حتى لا يظنوه ظالمًا أو جائرًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.