على أقصى شمال باكستان تقع مقاطعة أو إقليم الهونزا يحدّها من الشرق الصين ومن الغرب أفغانستان.
اشتهر قاطينو هذا الإقليم بأنهم الأطول عمراً في كوكبنا وفي عصرنا الحالي؛ فالعمر المتوسط للبشر ١٤٥ عاماً، ولكن لماذا يتعمرون وتطول أعمارهم؟
دعونا وإيّاكم نسرد بعض المعلومات عن هذه البيئة ونشاط السكان المحليين فيها، ولماذا سكّان هذه المناطق لا يعرفون الأمراض المزمنة والعصرية والفتاكة، فشعب الهونزاء لا يعرفون مرض السكري ولا السرطانات بشتّى أنواعها، ولا الضغط، ولا فرط البدانة وتراكم الدهون، حتى إن معدل العمر الافتراضي والوسطي يصل بهم إلى مائة وخمسة وأربعين عاماً.
اقرأ أيضاً الموسيقى والرقص في حياة الفولاني
مميزات إقليم المعمرين في باكستان
يتمتّع هذا الإقليم بجبال وسهول وهضاب ومرتفعات، وتوجد فيه أنهار وسلاسل جبال الهيمالايا تنحدر وتتصل به وتنبع من جباله عيون الماء النقي.
فالسبب الأول أن ماء هذه المناطق قلوي، لذا ترى الناس يشربون من هذه المياه النقية والقلوية، إذ يُعدّ هذا سبباً رئيسياً لبُعد الأمراض عنهم، والسبب الثاني أكلهم الشعير وخبز الشعير، فشعب الهونزا غالباً لا يأكلون إلا خبز الشعير، لذا ترى أغلب السكان لا يعانون من مشاكل الجهاز الهضمي والإمساك، إضافة إلى بعض الحبوب المزروعة محلياً كالحنطة والذرة وغيرها.
السبب الثالث أكلهم الفواكه، والخضراوات؛ فأغلب سكان هذا الإقليم تستطيع أن تقول عنهم أنهم نباتيون ولا يأكلون اللحم إلّا في فترات معينة وبكمية قليلة، بينما الفواكه كالتفاح والمشمش المجفف هي وجبات رئيسية لهم.
أيضاً فهم يجففون الفواكه ويأكلونها ويجعلونها حساء لهم وعلى مدار السنة، وأيضاً الجوز له أهمية كبيرة عندهم، والسبانخ، والجرجير، والسلطات، وغيرها..
إضافة إلى المنتجات الحيوانية كاللبن والجبن، تعتبر عندهم من الوجبات الأساسية.
وأمّا بالنسبة للعصائر فهم لا يشربون إلا العصائر الطازجة، ويشربونها في السنة لمدة ثلاثة أشهر.
اقرأ أيضاً إطلالة على الفلكلور الكردي
النمط المعيشي عند قبيلة الهونزا
الشيء الآخر أيضاً ترى شعب الهونزا مستمراً بطوره البدائي في إعداد الأكل وتنضيجه، فالأواني الترابية كالفخار تراها أيضاً من الأدوات والمستلزمات اللازمة في المطبخ للشعب الهونزي أضف إلى ذلك اللياقة والحركة والنشاط، فالشعب في إقليم هونزا وخصوصاً في وادي الخالدين لا يعرفون الكسل، ترى اللياقة والحركة والعمل والنشاط والجري جزءاً رئيسياً من أعمال وقتهم اليومي.
كما أنهم لا يستحمون إلا في الماء البارد. وتراهم يتمتّعون بالقوة والبسالة، فقد يمشي أحدهم بين الثلج والكثبان الثلجية ويقاوم البرودة وكأنها شيء عادي بالنسبة له.
يهتمون بالزيوت الطبيعية والطب القديم، فهم يعرفون أغلب نباتات بيئتهم، ويعرفون جدوى وفائدة كل زيت طبيعي أو عشبة برية، كما أنهم لا يستخدمون السكر الأبيض والملح الأبيض والدقيق الأبيض في وجباتهم الغذائية البتة.
يتميّز هذا الإقليم بصفات فريدة ونوعية عن سكان باكستان، فقد أصبح هذا الإقليم قبلة للباحثين والسائحين فهم يأتون إليه وخصوصاً في موسم الصيف من كل حدب وصوب.
ولقد أجرى الباحثون دراسات عن البيئة والإنسان في إقليم الهونزا التابع لدولة باكستان، الذي انضم إلى باكستان عام ١٩٧٣، ويقدّر عدد سكانه من ست مائة ألف نسمة إلى تسع مائة ألف نسمة.
اقرأ أيضاً الفولاني.. وفن صناعة الفخار والنحاس
الجذور العرقية للشعب الهونزي
ويعتنق سكانه الإسلام بالمذهب الشيعي الإسماعيلي، حيث اكتشف الباحثون أن جذور عرقية هذا الإقليم تعود للمغول والترك والصينيون والإيرانيون، وقال بعضهم إنهم بقايا الإسكندر الأول عندما مرّ من تلك المناطق وذلك لأهميتها على طريق الحرير، ولوجود الذهب والمعادن النفيسة فيها، كما يوجد في إقليم الهونزا القلاع التاريخية والحصون والمعابد القديمة بعضها يعود إلى سبعمئة عام والبعض الآخر إلى ألف عام.
إن الغريب في إقليم هونزاء أن ترى النساء حتى سن ٦٠ - ٧٠ سنة وهن لا يزلن يلدن، كما أن المرأة التسعينيّة تراها لا تزال تقوم بأعمالها اليومية وتربية الحيوانات والذهاب إلى المزارع وتحس فيها الخفة وسهولة الحركة.
وكذلك الرجال تراهم في الثمانينيّات من أعمارهم ولا توجد تجاعيد في أجبانهم ووجوههم، تراهم وكأنهم في زهرة أعمارهم، لذا أعتقد أن التغذية الخاصّة بهم والبيئة التي يعيشون فيها، واستمرارهم بممارسة نشاطاتهم المختلفة على غرار العادة القديمة والماء القلوي أيضاً هي أسباب رئيسية حباها لهم الخالق جلّ وعلا للتمديد في طول أعمارهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.