خواطر "الحقيقة".. خواطر وجدانية

ثمَّ تعُودُ من كُلِّ تلك الحرُوب لا لَكَ ولا عليكَ، لا كاسِب ولا خاسِر، تلك الحروب التي استنزفتَ فيها روحك وقلبك وكل جوارحك، ضحاياها سنوات عمركَ التي ضاعت، ساعاتك التي نسيتَ أنها منك.. 

خالي الوفاض، والحزنُ من عينيكَ فاض، لا ندامة تفيدُ، اقضِ ما أنت قاض.. 

في ظلمتك بكيتَ، أو في صفحات ضياعك سهيت، أو حتى للعالمينَ همَّك شكيت، جُلُّ قولهم: بلاءً حسنًا أبليت.. 

لا شيء يروي ظمأ قلبك المكلوم، وحسرتكَ على عمرك المنصرم، لا شفقتك على نفسك ولا شفقتهم عليك.. 

بعد عمرٍ طويل تكتشفُ أنك كُنت تبحث عن هراء، عن شيء ليس في هذا الوجود بتاتًا.. كنت تجري خلف سرابٍ في قيظ الظهيرة، ظمئًا مُتعبًا وماعلمتَ بأنك تُجهَدُ لا أكثر..

كنت تبني في خيالكَ من آمالكَ جُسورًا؛ علَّكَ يومًا تعبُرُ بها ضفَّةَ الألم والتيه، ونسيتَ أن الضفَّةَ التي تقصدُها هي المستحيل، حِبالُ جسرك كانت من صوفٍ واهٍ "ضعيف"، نُسجت بأيدي من كُنت تظنُّ أنهم جديرون، ولكن مع الأسف كانوا عكس ذلك تمامًا، إنها توقعاتك التي فاقت المسموح، لو أنك نسجتها بيديك بدل أن تجري خلفَ تلك الأوهام وتضيعَ عمرك فربما أحكمتَ نسجها وخرجتَ بحبلٍ متين، حبلٌ لعلَّهُ ساعدك في عبورِ نهر الحقيقة، نعم الحقيقة التي طالما كُنتَ تَجُوبُ باحثًا عمن يساعِدك في إيجادها في حين هي بين يديك جليَّة، لم تَكُن تحتاجُ حُروبًا لكي تجدها، لم تَكُن تحتاجُ سِوى "الوعي" الكافي لتدرِك أنك في دنيا كُتبَ في أبديَّتها الكَبَدُ.. 

السعادة الدائمةُ مستحيلة، الشقاء الدائم مستحيل، وبين هذه وذاك ينقضي عُمركَ وأنتَ لا تعلمُ كيفَ وفيمَ ومتى انصرم! 

ويا ليتكَ تُدركُ! 

بدَل الوقوف على صغائرها وكبائرها وحُزنها وألمها.. 

ثم بعد أن ينقضي من عُمُرك الكثير، وأنتَ لا تشعُر، تصحُو من رُقادِك، تبصِرُ خلفكَ، لا شيء سِوى ظلٍّ مُدَّ بصرِك! 

تُطيلُ النظرَ ثم لا شيء.. 

تُمعِنُ في تلكَ الآلام والأيام وتكتشفُ أنها لم تَكُن تستحقُّ كلَّ تِلك الجلبة، والجهد والوقت الضائع.. 

تُدرك، نعم تُدرك، ولكن أتمنى أن يكُون قبل فواتِ العُمر.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة