نبدأ من حيث انتهينا في الجزء السابق..
......
عندما أجلس وأفكر وأتأمل كيفية كتابة الجزء الثاني من مقالي «التيه» تنتابني مشاعر مظلمة وسوداوية، حيث إنني أغوص في أعماق روحي في محاولة لمواجهة أكثر شيء أخافه وهو نفسي، عند هذه النقطة يكون الخروج بكثير من الخسائر شيئًا طبيعيًا، لكنه يستحق؛ فقد عرَّفني على جزء من نفسي المظلمة والسوداوية التي لا أعرف أنها موجودة بداخلي، واضطررت لأكسر حاجز خوفي ككسر جدار من الجليد، ولتدمير نفسي كي أبنيها من جديد.
من مكاسبي أنني عرفت عن نفسي أنه عند الشكاية فإن المشاعر السلبية تتجمع أمامي وتتدفق كنهر سارٍ من الطاقة التي كنت أخزنها من عدة لحظات، وعند خروجها لا أعلم مصدرها تحديدًا، وعددت ذلك الشيء الغامض مصدر إزعاج لراحتي النفسية، لكنني عندما أعدُّه لغزًا يستوجب الحل فهذا يخفف وطأة مشاعري السلبية على نفسي وقلبي العليل، وعندها أفكر في هدوء عن سبب هذا التعفن في روحي الذي يخرج بين الفينة والأخرى، معكننًا عليَّ حياتي.
هناك مقولة سمعتها في فيلم ما وهي تبدأ كالآتي أو حسبما أتذكرها: «إن أردت أن تستكشف عوالم جديدة.. عليك أولًا أن تتوه وتفقد الطريق».
فكيف ستجد طريقك لاستكشاف أشياء جديدة عندما تمر بالطرق نفسها والوسائل التقليدية نفسها، ولا تبتكر أو تخوض في بحر جديد غامض عليك؟! الحياة في نظري مغامرة، قد تكون في غابة أو بحر أو سفح جبل أو قمته الشاهقة، لكنها في كل الأحوال مغامرة ولا يتلقاها إلا كل ذي قلب جسور، لا أقصد بالجسور أنه لا يهاب المخاطر البتة، إنما يستطيع التعامل واتخاذ قرار تحت وطأة ضغط الخوف الذي قد يقسم ظهرك نفسيًا.
«إن الحب حالة وجودية.. إن مدينة الإسكندرية ليست إلا حالة ذهنية».
ليس عليك أن تركز في تلكما الجملتين؛ فقد تذكرتهما عشوائيًّا من رواية قد قرأتها للكاتب لورانس داريل في الجزء الأول من «رباعية الإسكندرية»، وهي رواية «جوستين»، تعبر عن كثير وكثير من الأشياء التي أنصح بقراءتها، كلامي هذا فقط دليل على توهان عقلي في البحث والبحث والبحث.
أن تكون كاتبًا تائهًا بين أفكارك ومشاعرك لشيء غريب بحق، ففي النهاية أيضًا كيف لي بمواجهة ذاتي وأنا لا أعرف أين تقبع حتى؟!.. انتهت.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.