العزيزة مريم
تحية طيبة وبعد :
اسمحي لي في البداية أن أُعدّ كوباً من الشاي، فأنا على عادتي الأولى وهوايَ الأول في حب الشاي كما تعرفين، وإن كنتي لا تزالين تذكرين فالشاي عندي واجب أن يكون أسود مع سكر مضبوط بميزان وإلا فهو ماء ساخن شاحب.
بعيداً عن الشاي وعن حب الشاي، سأحدثك عن حبي الأول، ولحظات حبي الأول، وأجمل أوقات حياتي أيام حبي الأول، وواحدة من لحظات اليقين التي عشتها، سأحدثك عنك.
إن كنتي لا تعرفين فها أنت الآن تعرفين أن حبك هو الأول، حيث ليالي السهر الطويلة، والأرق الذي لا ينتهي وأنا أتذكر تفاصيل الوجه والبسمة والعينين، خيالاتي عن اللقاء الأول، عيناي المثبتتان في جهة واحدة لا تتحركان أبداً إلا إذا تحركتي.
الحب المفاجئ والإقبال الغريب على أغاني أم كلثوم، والفهم الغير مُبرر لكل ما قالته السيدة فيروز، وإحساس أن كل تلك الكلمات وكل هذه الألحان إنما تمت صياغتها من أجلي أنا وحدي.
الأفعال الغير محسوبة، والتصرفات التي لا تخضع لمنطق ولا لعقل... لا يمكنك أبداً أن تطلبي من محب أن يبرر لما يفعله، لأنه نفسه لا يعرف لماذا يفعل ذلك.
التفاصيل الكثيرة التي تظهر على المحبين... العيون التائهة والفكر الشارد، والغياب عن الوجود لوقت لا يعرفه أحد، كلها تفاصيل كنت أواريها لئلا يعرف أحد، لو استطعت وقتها أن أواريكي من نسمات الهواء وشآبيب المطر لفعلت، هل ذلك هو ما اختزلته السيدة الرقيقة عندما قالت: خبيت عيوني خوفي لا الناس يشوفوك مخبى بعيوني؟!
ربما...
ثم الاضطراب العنيف المؤلم المُباغِت اللذيذ لنبضات قلبي، ليصير عقلي وقلبي كلاهما مُختلّان، مضطربان عندما أراك.
كان حبك بسيطاً شفّافاً، خالياً من أي توقع، ليس وراءه أي هدف، حب قائم على الحب، أساسه الحب، وقوامه الحب، وتفاصيله الحب، من أجل الحب.
أنا أحبك الآن، ما الذي يحمله غد؟!
لا يهم، لكني سأحبك في الغد أيضاً.
أحبك فقط، سأهبك كل شئ ولا أريد سوى الحب، الحب فقط.
كان حباً بلا شروط، وهو ما جعله الأجمل.
الآن أحب ..كل شيء مختلف.
كل المشاعر قد اصطبغت بالحياة، أنا الآن أعيشها كأني أجربها لأول مرة، وأشعر بها لأول مرة.
إن ما مضى لم يكن فرحاً، ما مضى لم يكن حزناً.
أنا لم أندهش هكذا من قبل.. النشوى!
أنا لم أنتشِ بهذا الشكل من قبل، والخوف لم أعرفه قبل أن أعرفك.
الشوق، الانبساط، السعادة، التحدي، الطموح، المقاومة.. كلها مشاعر كأنّي لم أعرفها أبداً من قبل.
غريب أمره هو الحب الأول، تجربة فريدة فعلاً في حياة الإنسان.. ربما لأنه مثل حياة الإنسان نفسها، يُعاش مرة واحدة.
ترنّ في أذني الآن كلمات الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس إذ يقول :في حياة كل منا وهم كبير يسمى الحب الأول.
لكنه لم يقل أنه وهم جميل، وهم لا يُنسَى..
مهما حاولنا لا يُنسَى، مهما كانت ظروفه لا يُنسَى، ومهما كانت نهايته لا يُنسَى.
كيف ينسى المرء أياماً شعر فيها بالحياة؟!
كان حبك هو الأجمل.. يؤسفني بشدة أنه كان.
انتظري المزيد من الخطابات التي لن تصلك، و المزيد المزيد من الكلمات التي لن تقرأيها.
بقلم/كريم عريف.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد