في زمن تتراجع فيه القيم البسيطة وتُنسى المهن الأصيلة، تعود القصيدة لتضيء ما اندثر من رموز الكفاف والكرامة، «خبّاز الليل» ليست مجرد مرثية للخبز، بل نشيدٌ خافت في مدح من يسهر ليعجن الضوء ويكسر جوع المدن. في هذا النصّ، يصبح الخبز رمزًا للحنان الإنساني، والعمل الشريف، والانتماء للجذور.
لا أشتهي غير خبزِ ولا أمـــــــــــيلُ لرُزِّ
والحرُّ يأتي لـــــحزٍّ للبطنِ، بالنفخِ يجزي
خَبَّازَ لـــيلٍ، تقدَّمْ… بما يلَذُّ ويرحــــــمْ…
واعجنْ لنا، نتـــــعلَّمْ للخبزِ قيمةَ لــــــــــمزِ
يطيبُ بالخبزِ جُبــــنٌ كما به طاب ســــــمْنُ
وحين أحرقَ فُرنٌ… خبزًا سيأتي بعــــــجزِ
خبَّازَ ليلٍ وصــــــبحٍ أنـِـــت الذي بين نفحِ
خبَّازَ ليـــــــِلٍ، بمِلْحٍ أنــت الذي بين عزِّ…
قدِّمْ لنا الخيزَ أشـهى والخبزُ قد كان ألْهى
إذا رأى الخبزُ وجها يكون أغلى ككــــــنزِ
خبَّازَ ليلٍ طـــــــويل دفنتَ جــــوعَ الخليلِ
ما فيك وصف بخيلٍ والخبزُ من خيرِ رمزِ
إفريقيـا فيكِ طعـــــمٌ بالذوقِ، ما الجوعُ ينمو
وفيك للجوعِ رغــــمٌ ما الجوعُ للخبزِ مُخْزي
في «خبّاز الليل» نقرأ الخبز ككلمة مقدسة، وكرمز يتجاوز الحاجات اليومية إلى تمثيل الكفاح الإنساني الصامت. فالخبز ليس فقط ما يُؤكل، بل ما يُقدَّم من الروح، ويُعجَن من التعب، ويُمنَح من دون منّة. هي قصيدة في حب الحياة، وتقديس التفاصيل الصغيرة التي تمنحنا المعنى. وربما، لا نحتاج أكثر من رغيف دافئ لنعرف أننا ما زلنا بشرًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.