اصبر فللفرج موعد وميقات، فالجمر مُصيرٌ إلى رماد، والليل آخره انقشاع، وتوكل على الحي الذي لا يموت، فالصبر قصة من جلد وانتصار...
فكم من صابر أتاه اليسر من حيث لا يحتسب، بشراك يا صابر المولى أعد لك أحسن الثواب، فعاقبة الصبر سرور وانفراج، وبلغ من اشتد عليه الحال، لك يوم تحوز به الظفر والسناء...
أما سمعت عن صابر هز له الوجدان من ألم فانبرت له الصعاب وتنحت، وخل عنك أثقال الأيام وثق بالواحد الجبار، فكل حزن يتبعه فرح، وكل مكروب إذا أحكمت الكربة عليه، لا بد لها من انزياح، فاصبر وإن طال الصبر لك أجر وانشراح...
إذا أتاك الغم فارفع الكف تضرعًا، ودعك من بؤس واغتمام، تفرج بحوله وقوته، وانتظر وما بعد الانتظار إلا انتصار، يفنى الأجل والشباب...
وأجل الصبر دائم لا محال، لله در كل صابر استعصم بالإيمان واحتسب عند الخالق الثواب، فإن تنشد كيف الحال فإنني مؤمن أن الفرج بعد الصبر عظيم، لا يدري عني الصاحب والقريب..
فبالصبر متجلد ولله الأمر، أكتم ما في الصدر من حرقة خشية شماتة الأعداء...
أتضور وجعًا فيواسيني الصبر نعم الصديق وصحبة الزمان، وكيف تنال السهام مرامها إذا الصبر يومًا أعجز الأنام...
وما نيل المنى لامرئ متخاذل عجول بالصبر تنل أرفع الدرجات، لنا خبر من صبور متوكل شد الوثاق واستنصر بالواحد الأحد...
فما وجدت بعد كل محنة إلا انفتاح وانكشاف، إن الصبر محمود عواقبه فبعد العسر يسراً وبعد الضيق اتساع... فما عظم الثواب إلا بصبور شاكر... وما حسنت خاتمة إلا للصبر كان له امتحان وتمحيص...
فكم من عليل استمسك بحبل الصبر إلا كان له من علته انقضاء...
من لؤم حسود ومكر لئيم داوه بالصبر مفتاح الفرج والهموم، ما أشقى الهلوع الجزوع، وما أسعد من سن الصبر نهجًا ووسيلةً لا تقل كم نزل بالفتى ابتلاء وشدائد... فكان له من الصبر والثبات حظوظًا...
راية الصبر خفاقة للشاكرين لهم منها نصيب وحُبور، رب صابر أتاه الفرج فجاءه من غير موعد وتدبير، وبين صبر واحتمال يغيّر المولى إلى سعة وانجبار...
فالخطب إذا فاض يومًا لا بد له من انتقاص، ما أنت بصانع إن ضاق بك الصبر، تلوح النائبات فوق الرؤوس دهور.. فأثبت وتوكل على الرحمن...
فما الهم إلا إلى انحسار، هي عواقب الدهر تتعاقب على المرء تعاقب الليل والنهار...
لنا في الصبارين عبرة ونبأ، ولنا في الشاكين اللائمين تأفف وتململ... إذا كنت من باب الصبر متراجعًا، فكم من طارق كان له انفتاح وانصلاح...
عول على الصبر فلك منه تهذيب وتقويم، ما خاب من توسم بالصبر خيرًا وطريقًا، وصار من أهله الفائزين الحامدين، وما تحوز رفعة وسؤدد... إلا بعزيمة الصبر الفلاح والنجاة، فما ضاقت إلا ما اتسعت، وما انفرجت إلا بسداد سهم الصابرين.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.