خاطرة هل كبرت يا أمي؟

هل كبرت يا أمي؟

يا أمي لطالما كنتُ أتكلَّم وأرمي الكلام عندما لا يعجبني شيء ما، أمّا الآن فقد باتت تلك الكلمات عند رأس لساني بين فمي وحنجرتي أخاف أن أظهرها فأندم، وأخاف أن أبقيها فأتألم!

يا أمي، لقد اخترتُ الألم على الندم، فابتلعت كلماتي وكأنني ابتلعت براقاً ملتهباً..

يا أمي أهذا هو الصمت؟ لطالما قالوا إن الصمت لغة العظماء، لكن في بعض الأحيان الصمت مؤلم، ولطالما تألمتُ يا أمي بصمتك..

أهذا يعني أنني نضجتُ يا أمي؟

يا أمي، كنتُ أبكي على أتفه الأسباب عندما أحزن، أو حتى عندما أفرح كنتُ أبكي، لكنني أصبحت لا أبالي بأيّ شيء حولي بين ليلة وضحاها، أصبحت الدموع أسيرة مقلتي، كلَّما شعرت بالضيق أحاول البكاء لكن بلا جدوى!

أهذا هو النضج يا أمي في كل مرّة تحاول البكاء تؤلمك حنجرتك؟

يا أمي لطالما كنت أحبذ الاستيقاظ باكراً لأُعِدَّ لكِ قهوتك المفضَّلة، وأستمتع بطلوع الشمس من مشرقها، لكنني بتُ لا أستطيع مغادرة سريري؛ لأنني لا أقوى على ذلك.. 

لا أريد الاستيقاظ أبداً، في كل مرّة أستيقظ فيها أشعر بالإحباط فتحيط بي أفكاري لتصنع صرحاً في خيالي كلَّما حاولتُ تسلُّقه ازداد طوله..

أهذا هو النضج يا أمي؟

هل أن أكبر وأنضج يعني أن أتألم وأن تكون دموعي أسيرة عيني، وأن أحب البقاء في سرير، وأتمنى نومة أبدية؟

أهذا هو النضج يا أمي؟ فإن كان كذلك فتباً له!

تمنيّت لولهة لو لم أكبر، يا ليت الطفولة تعود يوماً، لم أتخيَّل قولها أبداً عندما كنتُ طفلة يا أمي كنت تصرّين كل صباح على أن أشرب الحليب، وتقولين اشربي الحليب لكي تكبري بسرعة فأهرول لشربه..

ولكن الآن تمنيّتُ لو لم أشربه أبداً يا أمي، تمنيّتُ لو بقيت طفلة صغيرة لا تعرف ظلمة الحياة..

تمنيّتُ ذلك حقاً يا أمي.

 

اقرأ أيضاً

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة