خاطرة "هل الحقيقة مطلقة؟".. خاطرة اجتماعية

لماذا الحقيقة غائبة عنا؟ كيف نعرفها أصلًا ما دمنا موجودين في هذا الكون متلاطم الأمواج من متغيرات وصعاب؟



كيف يمكن أن ندرك الحقيقة أو الحكمة حقيقة ونحن موجودون بهذا الواقع الذي نخضع دائمًا لمنطقه، وتحت تأثير الشقاء الذي نحن غارقون فيه؟!

جميل أن نطرح هذا السؤال لأننا بهذا الطرح نحاول خلق حراك فكري مطلوب ولا نتقبل الواقع على علاته، إقرارًا ضمنيًّا أن ما في هذا العالم لا يوصف بـ"الحقيقة"، إذن لا يمكن الاعتماد على اللغة في "تعريف الكلمات"، إذا لم يدرك الوعي معنى الموضوع الذي له كلمة تعبر عنه، لأن هذا سيجعل معنى الكلمة مجهولًا.

وهذا ما يشير إلى أن الحقيقة المطلقة مجهولة المعنى، ولكن يمكن التعرف عليها من واقع أنها "قيمة مُفتقدة في الحياة"، بمعنى آخر القيمة التي تخلو منها هذه الحياة التي تتخللها النسبية والوهم، إذن كلمة الحقيقة المطلقة تعبر عن اختبار لمعنى "الوجود المفقود" في الحياة.

هذا المعنى ليس مفقودًا في تجربة معينة، لكنه مفقود للحياة بالكامل، ليس فقط بالنسبة لنا لكن لكل الأطياف الموجودة في المجتمع، ولكل إنسان يعيش على ظهر الأرض، وهذا المعنى مفقود بالنسبة للإنسان، للحيوان، للنبات، للجن، ولكل كائن يعزوه شيء من العالم الخارجي ويتطلع إلى بناء صرح زمني فيه لتعويض من يفتقده.

إن غياب الحقيقة عن الحياة نابع من طبيعة الحياة الأولية، وليس من الجزئيات، وزيادة القدرة الذهنية لن تجعل الحقيقة أقرب، لأنها ليست شيئًا "ضمن العالم"، إنها وراءه.. إذن، كيف نعرف بوجود ذلك المُطلق المحجوب وراء كل ما نعرفه؟ ربما يكون الجواب بسيطًا إلى حد ما، لأن العالم ليس مُطلقًا، لكنه يسمح بإمكانية أن يكون في النهاية نوع من الواقع الافتراضي، وهذا شيء متجذر فيه ولا يمكن إزالته منه.

يوجد فاصل زمني وجودي بين ذاتك الواعية وبين حقيقة المجال الظاهري الذي تعيش ضمنه.

ربما يكون هذا "البون" بينك وبين الحقيقة المطلقة، هو منطقة المجال الظاهري الذي تعيش فيه، والإحساس بحدود هذا المجال هو تعليل السؤال عن الحقيقة المطلقة، والأمر أقرب إلى أن يكون سبب غياب الحقيقة المطلقة هو ذلك.

وإن إدراك الحقيقة يتطلب التضحية بكل ذلك، أي لا يجب الخوف من فقدان شيء على الإطلاق، لأن أي شيء إضافي سيحجب الحقيقة عن الإدراك لها.


والخضوع لهذا الواقع ناتج أولًا وأخيرًا عن وجود أمور لا يمكن التخلي عنها من أجل الحقيقة، حتى المتآمرون عالميًّا لا يمكنهم فصل الذات عن الحقيقة، ولكن يستغلون عدم الرغبة. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة