عبادة الله تعالى واجبة، بل هي مفروضة على جميع الخلائق؛ للشكر والحمد لله تعالى، إذن كل مخلوق يتحتم عليه الحمد غير منقوص، وكل يعبر عن ذلك بلغته الخاصة، وبالتأكيد يوجد فرق بين هذه العبادة.
إذا تناولنا الملائكة سنقول إنها متفردة فقط بعبادة الله في كل الأوقات، وليس لديها مهمة غير العبادة، وهذا كل ما يفعله الملائكة. أما إذا تحدثنا عن جميع الخلائق في الأرض من كائنات حية وغير ذلك، فإنها تؤدي العبادة وفقًا للمعطيات التي لديها وبطريقتها الخاصة، ولا يستثنى الإنسان من هذه القاعدة. ولكن الله ميَّز الإنسان ومنحه خيرات عن باقي المخلوقات.
وهذه الميِّزة التي حصل عليها الإنسان دون غيره من الخلائق وهي الاختيار، إذ تقوم عبادات الكائنات الأخرى على الفطرة، إلا الإنسان الذي يحاول أن يعرف ربه ومن ثم يعبده.
لقد منح الله تعالى الله هذه الميزة للإنسان؛ حتى لا تكون عبادته مبنية على الواجب فقط، بل مبنية أيضًا على الاختيار والمعرفة، وهذا في حد ذاته يُعدُّ تقديرًا كبيرًا للإنسان من الخالق سبحانه وتعالى.
لأن إذا كانت العبادة مقرونة بالمعرفة؛ فإنها تُضيف قيمة مضاعفة لعبادة الإنسان؛ لأن الإنسان الذي يعرف الله حق المعرفة سيحاول أن تكون عبادته في كل الأوقات، وأن يبني حياته بما يرضي الله، وكذلك يخطط حياته وفقًا لذلك.
وقبل أن يقدم على أي عمل يفكر التفكير الصحيح، هل هذا العمل سيرضى الله عنه أم أنه عمل شيطاني، وبذلك سيعمل كل ما يمكن أن تكون نتائجه خيرًا ويُرَتب حياته على هذا البرنامج الخيِّر فيما ينفع البشرية أولًا.
وقبل ما ينطق بحرف ويفكر فيه، فإنه يتذكر أن الله يراقبه، وبذلك سيتجنب الإغراءات الشيطانية التي تصب في خراب الكون، ومن ثم هذا الإنسان يضع مخافة الله في كل ما يقدم عليه من أعمال، أو ما يلفظ من كلمات، ويوجه مسار حياته فيما يرضي الله تعالى دون غيره.
والحقيقة أن العبادة هي نوع من أنواع الشكر المباشر على النعم التي لا تُحصَى التي يجب أن يتذكَّر الإنسان ويُذكِّر نفسه بها؛ حتى لا يغمره الغرور ولا يرى نفسه، وينسى أن يشكر الله عليها في كل وقت.
حتى لا يغضب الله عليه أبدًا، عندما يعلم أن الله عليه رقيب ويتابعه سوف يردع نفسه التي ربما تفلت منه، وتجعله في طريق غير مأمون الجانب.
هنا يجب أن يقترب الإنسان بالعبادة، فالتقرب إلى الله يعني هزيمة رادعة للشيطان وإغراءاته، بل ضربة موجوعة لإبليس وجنوده، وهذا هو الهدف المرجو لمن يريد أن تكون حياته أفضل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.