ظلت ترزح تحت نيران غضبه، تتحمله إلى أن بلغ السيل الزبى، "فاض الكيل..." تقول بحسرة المحب الذي صدم بسوء تصرفات حبيبه، حاولت عبثاً أن ترمم علاقتها به وفاء لذكرى أيام الزواج الأولى، إلا أنه تمادى في سلوكياته الطائشة: عنف؛ هجران؛ قسوة... ضاقت بها الدنيا إلى أن وصل بها الحال إلى استشارة طبيب..
راحت تحكي له قصتها، وتسرد تفاصيل الآلام التي سبب لها قبل أن تقدم على اتخاذ قرار الانفصال عنه. تقول معبرة للطبيب عن معاناتها: جئت أستشيرك يا حكيم في مشكلتي مع عبد القادر الناكر للجميل بعد عشر سنوات زواج أثمرت بنتاً في عمر الزهور لا أريدها أن تتيتم...
استرسلت تنفس عن كرب بطعم الوجع.. خارت قواها حتى أصبحت عليلة الروح والجسد، تستلقي على منضدة طبيب نفسي من شدة الاكتئاب الذي باتت تعاني منه، جراء صمم آذان أهلها وإصرارهم على إقناعها بالصبر الذي تتجرع مرارته كل يوم.
في بيت تلفه سحابة حزن، يخلو من المودة، يسوده التذمر، تتدحرج في أركانه طفلة بريئة بلا ذنب.
بيت تلفه سحابة حزن، يخلو من المودة، يسوده التذمر، تتدحرج في أركانه طفلة بريئة بلا ذنب.
-كان الأجدر به أن يخضع للعلاج مكاني، لكنه يرفض بدعوى أني المريضة في نظره، أنه يحطمني ويغني نرجسيته حين يراني أتعذب.
عقب الطبيب قائلاً: نرجسي.. يبدو أن حظك من التعليم لا بأس به سيدتي، أنه فعلا كذلك.
-من أجله تركت أحلامي، وغادرت دراستي، بحثاً عن الحب، فاستحال إلى كابوس يؤرقني... ما الحل يا حكيم؟
-تغابي..
-أغدو غبية أكثر من اللازم يا حكيم.. كيف!؟
-تناسي حزنك، لا تظهري قلقك أمامه، حتى تقلبي السحر على الساحر... تذكري قول الشاعر أبي تمام:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي.
-تطلب مني المستحيل سيدي..
-حاولي تحصين نفسك من تأثيره السلبي بالتغابي، لا تنتقدي شخصه حتى لا يثور في وجهك، ناقشي تصرفاته فقط بهدوء دون جدال... وأضاف ناصحاً: إنه ليس عدوك، إنه مريض، تعاملي معه على أنك طبيبة بمشاعرك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.