عزالعرب سلمان سبتمبر 23, 2023, 12:45 م

خاطرة "مفارقات بين الغنى والفقر".. خواطر وجدانية

يقول الشاعر: فقيرٌ كلُ ذي حرصٍ غنيٌ كل من يقنع

الفقر والغنى ضدان اختزل كل واحدٍ منهما نصف الحياة.

ليس الفقر فقر المال وحسب، بل إن كل حرمانٍ فقر، المحروم من المال فقير، والمحروم من صحته فقير، والمحروم من الولد فقير، والمحروم من أبٍ وأمٍ فقير، والمحروم من إخوةٍ وصحبٍ فقير.

وإن عكفنا نعد الحرمان الذي يختزله معنى الفقر للبثنا طويلًا وما أسعفتنا أعمارنا لحصر كل مظهرٍ للحرمان في حياة الإنسان، فكل حرمان هو فقر؛ لأن الإنسان يظلُ مفتقرًا محتاجًا لما هو محرومٌ منه، وبهذا المعنى فكلُ إنسانٍ فقيرٌ إذ لا وجود لإنسان لم يُحرم من شيء، وإن تناهى الشيء في الصغر واختفى عن النظر، فما دام الشعور بالنقص والحاجة مُصاحبًا الواحد في غدوه ورواحه وقعوده وقيامه ونومه ويقظته فهو فقير، إي والله فقير! مهما كثُر ماله ومهما تنعم بملذات الحياة.

الناس في سُلمٍ من التدرجاتِ الطفيفة كتدرُج الألوان ففي اللون الواحد أكثر من طبقة والناس كذلك، فأصحاب المال فيهم تفاوت وتفاضل، وأصحاب الصحة فيهم تفاوت وتفاضل، وأصحاب الولد فيهم تفاوت وتفاضل، وقِس على ذلك كل نعمة من نعم الحياة قال تعالى «وفوق كل ذي علمٍ عليم».

لا تجد أحدًا في نعمة إلا ويوجد من هو أعلى منه، ويوجد من هو دونه فليست الدنيا سوى مراتبٌ يُوضع كلُ امرئ في مرتبته التي خُلق ليُوضع فيها ليكتمل سُلَمُ الحياة وليَتِمَ إيقاعها.

سنة الحياة التي قضت بهذا التفاوت العجيب الذي أججت ثورته وفجرت حممه بهرجةُ فضاء الإنترنت، فزاد النظر لما فُضل به الغير وانغمسنا في مقارنات فاقمت شعور الحرمان، وبات التفريق بين الغني والفقير صعبًا، فمن الغني ومن الفقير حقًا؟

اختفت الطبقات الطفيفة لا لم تختفِ، بل تضخمت حتى أضحت الطبقة الواحدة ذات فروق بفجوات واسعة مفرغة من الألوان.

فغني هذا الزمان ليس هو الثريٌ الذي يملك أطنان الأموال، بل هو الإنسان الذي اكتفى بثلاث: قوتُ يومه وأمان سربه ومعافاة بدنه وأراح نفسه من تفكيرٍ فيما عند هذا وفيما عند ذاك وما قال هذا وما قال ذاك.

عزلة الناس فرصة لا يغتنمها إلا من فقه الدنيا وفهم الحياة.

بقلم عزالعرب سلمان

أديبٌ ينضج، أفكارٌ تلح، ونفسٌ ترغب.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة