قررت أن أمسك قلمي لكي أكتب رسالتي الأخيرة قبل أن أصعد لذلك الكرسي الموضوع فوق المنضدة لأضع تلك العقدة السميكة الدائرية حول عنقي وأترك هموم أثقلت كاهلي، ليرتاح ذلك القلب الذي ينزف بشدة دون توقف مع أدمع عينيي المنهمرة المليئة بالحسرة.
كان ذلك الشاب يكتب رسالته الأخيرة لحبيبته التي وقف أهلها بينه وبينها وقرروا زواجها من آخر يملك المال والبيت المرصع بالذهب واللؤلؤ، كان يكتب؛ إلى متيمة القلب.. إلى من تربعت على عرش قلبي وملكت خفاياه يا ملكة طغى نورك على أفاق السماء والأرض، إلى الأميرة المتوجة، من تغنت بإسمها طيور الأغاصين، لا يوجد من أشباهك الأربعين سواكي، أعلم أنك ستستيقظين من غيبوبتك قريبًا بعد محاولاتك التسع في الانتحار ولكن؛ اعذريني لن أكون هناك في إنتظارك لابد أن تعيشي من بعدي يا صغيرتي لابد أن تعيشين أحلامي وأحلامك، أذكريني كُل ليلة مظلمة تمر عليك بوحدة وسوء، أذكريني في صباحك قبل شروق الشمس بلحظات حين تحوطك تلك النسمات العابرة، أحكي عني في كتاباتك أني كنت يومًا مَا هنا، اذكريني لو حتى عابر سبيل مر بك سأظل أحبك ملايين المرات في حيوات أخرى وعوالم مختلفة ساشتاق لكي كثيرًا أرجو أن تسامحيني وأعلم أنك ستفعلين يومًا مَا إلى مليكة قلبي وروحي وداعًا.
ثم ترك الورقة على المنضدة التي بللتها دموعه المليئة بالألم والآسى ثم صعد فوق الكرسي الموضوع أعلى المنضدة، ووضع تلك العقدة حول عنقه أغمض عينه ثم قال لم يگن هناك سبيل سوىٰ الموت لتحيا هي ثم ردد الشهادتين وأزاح الكرسي وأخذ يقاوم الموت وحشرة تخرج من حنجرته بدأت الأنفاس تتقطع رويدًا، ودقات القلب كانت صاخبة كأنها ألف نبضة في الثانية ثم بدأت تتباطأ حتى توقفت سقطت يداه من حول العقدة مع أدمعه التي بللت المنضدة أسفلها كأنها بحيرة متجمعة، فاضت روح الشاب إلى حيث المجهول بعد عناء مرير إرتاح منه قلبه وروحه التي إعتصرها الألم، وفجأة دون سابق إنذار استيقظت الفتاة الممددة على فراشها ومن حولها من يبكي بحرقة فتحت عيناها وهي تردد "لا لا أميرى حبيبي لماذا رحلت؟ لماذا تركتني؟ دخلت أخت حبيبها ودموعها تسبق الكلمات وهي ممسكة رسالته الأخيرة انتشلتها الفتاة لتقرأها وإذا بدموعها كشلال منهمر وهي تقول لن أحيا في حياة لست فيها، ولن أمشي على أرض لست تخطو عليها، ذلك أثناء فرحه الأهل من حولها بإستيقاظ الفتاة ف زواجها بعد أيام قليلة، ثم فجأة شعرت بوخز في صدرها قلبها يكاد ينفجر وهي تصرخ صرخات تهتز لها القلوب حتىٰ سقطت علىٰ فراشها ميتة فارقتها الروح، كانت تبدو گأميرة نائمة بعد رحلة عناء ومشقة طويلة، ماتت إثر أزمة قلبية أختفت الفرحه من المكان في تلك الليلة، في اليوم التالي خرج الحبيبان في جنازة واحدة كانت الدموع هي ما يحاوطهم في ذلك الحشد الكبير الذي يحمل النعوش إلى المثوى الأخير، ودفن الحبيبان مجاورين لبعضهم البعض.
أغلقت أنا تلك المذكرات التي بللتها دموعي الساقطة عليها، أحتضنتها بشدة وأنا أردد قول جميل لـ حبيبته بثينة تلك الحكاية المشهورة" يا حبذا موتي إذ جاورت قبري"
حقًا ومن الحب ما قتل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.