قبل عشر سنوات ولدت في مارس، كانت الأيام تمضي وأنا أكبر بسرعة، حتى وصلت لسن أفكر وأخمن وأستطيع التمييز بين الصحيح والخطأ، دخلت المدرسة وبدأت بتكوين علاقات كوني اجتماعية، وبعد أربع سنوات نضجت نضجًا تامًا، فأصبحت قادرة على التفريق بين العلاقات المبنية على الحب والصداقة والعلاقات المبنية على الخداع والمصلحة.
قد تكون أول مرة أبكي فيها بحرقة فقد كان شعورًا مرعبًا نوعًا ما، لا ليس ضعفًا، لكني خذلت، فكّرت جيّدًا وأدركت قيمتي حينها، صحيح أنني تعثرت لكنني لم أستسلم، لا يمكنني وصف شعوري في تلك اللحظة لكنني استعدت قواي في أضعف حالاتي، لا للفشل، فالطريق طويل ممتلئ بالأشواك والصدمات وخيبات الأمل.
عند نهاية كل يوم يراودني حديث في نفسي قائلًا: «دعك من هاته التفاهات وحدثيني عن تطوير ذاتك الذي وعدتني به، أتعلمتِ مهارة جديدة أأتقنتِ لغة جديدة؟ أصليتِ الفجر في وقته؟ أم أنك نسيت الوعد الذي قطعتيه على نفسك، صحيح أعلم كم تعبت نفسيتك وكم كسر خاطرك، لكن لا أحد يستحق أن تضحي من أجله، لا أحد يستحق أن تهدري حياتك وطاقتك ووقتك لأجله لكن أن تصل متأخرًا خير من ألّا تصل أبدًا».
وفي صباح اليوم التالي نهضت وبدأت يومًا جديدًا لا للخمول لا للكسل لا لتضيع الوقت مع الحمقى، وفي داخلي عبارة تقول: «اهتم بمن يهتم بك وأما الباقي فرد السلام»، أظن أن حديثي مع نفسي غيرني ولو قليلًا، أبدو غريبة نوعًا ما لكن هذه الحقيقة، فأنا أعيش صراعًا بيني ونفسي.
من الممكن أني أخطأت لكنني ندمت وقد أكون جرحت أحدًا لكن دون قصد، قد أكون شخصًا سيئًا، أيعقل هذا؟ في رأسي أسئلة كثيرة لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ لكن لم أجد أي جواب، قد تكون الأيام هي الإجابات.
وفجأة تراكمت عليَّ أعباء الحياة خاصة وأنّ أمّي ذهبت، لقد ودعتني حضنتها وكنت أدعو ألّا يكون حضننا الأخير، لقد كنت كاليتيم لا ملجأ ولا مأوى له، وعيوني منهارة من البكاء، انتظرت اتصالًا من أبي حتى يخبرني أن العملية قد انتهت بسلام، وبعد خمس ساعات رن الهاتف، أمسكت الهاتف وفرحت كثيرًا فالعملية نجحت، كانت مرحلة صعبة لكني تخطيت.
وفي اليوم التالي توجهت نحو الثانوية ومشاعري لا تكاد توصف، أمي بخير والحمد لله، ماذا أريد بعد هذا؟ إضافة إلى ذلك عوضني الله بأفضل صديقة كانت صدفة لكننا أصبحنا صديقتين، كانت سندي ولا تزال ألف حمد وشكر، نعم الحياة جميلة بالرغم من أنها صفعتني آلاف المرات، لكنها جميلة.
مرَّت الأيام وحديثي مع نفسي لا يزال مستمرًا، لكنه يختلف عن السابق فهو يسألني عن الأحداث التي جرت معي، أكانت صدفة أم قدرًا.
وهأنذا أبكي بحرقة مرة ثانية لأنهم حطموا قلبي، لقد استغلوا طيبتي، أظن أني غبية نوعًا ما، أيعقل أنني أبكي على شيء لا أمتلكه، لكنه كان ضمن أحلامي، ويا أسفي على نفسي حتى أكون واقعية، طيبتي الزائدة هي التي أوقعت بي في الشباك، أظن أنني ورثتها عن أمي وها نحن نعيد السيناريو السابق نفسه.
الأمر مضحك، دعينا من هاته السخافات وأخبريني ماذا تعلمت من هاته الدروس أول عبارة يممكنا استخلاصها هي: الحياة مدرسة والناس أسئلة والأيام إجابات، وتعلمت أن الطيبة ضرب من الغباء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.