ما أول شيء يخطر ببالك عند قراءة العنوان؟
حبيب، فكرة، صديق، قصيدة، مقال، مكان... إلخ.
هنا تتحدث إلى نفسها وتتذكر الأيام الخوالي عندما كانت في العشرينيات من عمرها، وكانت لا تُعير لأي شيء بالًا، لا تكترث سوى بأهدافها: أن تذهب لكلية الهندسة وتصبح متفوقة لتنال منحة التفوق وتذهب إلى الدولة التي لطالما احتفظت بصور لها في غرفتها ومفكرتها، وعلى جهازها الجوال والحاسوب. دولة اليابان لا تعلم لماذا هي دونًا عن غيرها من الدول، لكنها تحب حضارتها وثقافتها وبعض العادات التي تُبهجها. وفعلًا، كانت تلك أبهج أيام حياتها بعقلها الواعي وقلبها الطفولي.
فعلًا أنهت دراسة الثانوية ودخلت كلية الهندسة قسم الهندسة المعمارية، وأصبحت من أفضل الطلاب، إن لم تكن الأولى. وجاء عام التخرج وتخرجت بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ونالت المنحة، لكن كانت لدولة كندا.
وحينها أصابتها خيبة الأمل؛ لأنها لا تعلم عنها شيئًا، وتلك ليست دولة الأحلام التي لطالما ظلت تحلم بها وتتعلم عنها الكثير. وهنا جاءت أختها الكبرى تتحدث معها أن كل ما يوجده الله في طريقنا هو البصيرة والحكمة التي لا نعلم عنها شيئًا ببصيرتنا المحدودة، فالله أعلى وأعلم بالخير لنا.
تنهدت ثم أردفت: "أعي ذلك، لكن التمني... الحمد لله على كل حال." وانصرفت أختها بعد أن رتبت معها خروجة فرحًا بالنتيجة وتهنئة لها. وفعلًا ابتهجت بذلك، ولكن سرعان ما تذكرت أنها كانت تود ذلك، لكن قدر الله وما شاء فعل.
وجاء وقت السفر، ودَّعت أهلها مع كثير من الدعاء والدموع حزنًا على الفراق مع التمنيات بأعلى الدرجات والمناصب، خاصة علاقتها بأختها الكبيرة، فهي علاقة خاصة متوطدة إلى حد بعيد على الرغم من فارق السن بينهما.
وصلت إلى البلد، حمدت الله فهي تخشى الطيران إلى حد ما، وتلاقت ببعض الفتيات فور وصولها المطار، وهنّ زميلات في نفس المنحة. وهنا بدأت رحلتها حقًّا في الحياة...
أصبحت سعيدة بوجودهن: إحداهن من المغرب، والأخرى من مصر، والثالثة من إنجلترا. ذهبن معًا لمشاهدة البلد والتنزه قليلًا.
قابلت صديقة لها كانت تعرفها منذ زمن بعيد، وتوالت من بعدها المقابلات. وكان لديها أخ في نفس البلد يعمل مدرسًا بإحدى الجامعات. وكانت تلتقي معه في بعض الأحيان، وتولدت بينهما بعض اللحظات المميزة.
وبعد مرور بعض الوقت وتوطدت العلاقة بينهما، طلب يدها. ففوجئت وسعدت كثيرًا، خاصةً أن صديقتها أصبحت مقربة منها. أبلغت أهلها بما يحدث، لكن غضب والدها؛ لأنه من المتعارف عليه أن يتقدم لخطبتها من أهلها أولًا، خاصة الوالد.
وحينها حدث الرفض من جانب والدها، خاصة عندما علم أنه ابن شخص كان يعرفه ويكن له بعض المشاعر السيئة. واجهتهم بعض المشكلات، وأخذ كل طرف منهما يدعو الله أن يجتمعا، لكن لم يكن مقدرًا لهما التلاقي والزواج.
دخلت في حالة ليست جيدة مدة، وانهارت أحلامها. ولكن سرعان ما سافرت لها أختها حتى تكون بجانبها في تلك الظروف، وكانت لها يد عون فعلًا.
وظلت معها حتى الإجازة، وبعد ذلك عادت. استعادت نفسها مرة أخرى، وعزمت على المذاكرة فقط. ولكن أراد الله أن يعوضها. وتقدم شخص لخطبتها في بلدها. لم تكن موافقة ولا تعلم أنهم وافقوا، وكانت معارضة للزواج أشد الاعتراض.
ولكن عندما أنهت تعليمها وعادت وقابلته، وجدته شخصًا يستحق التعرف إليه. وكان ذلك أفضل شيء حدث لها. أصبحت سعيدة مرة أخرى بعد أن تذكرت حبها الأول وكيف كانت تفكر أن قلبها لن يخفق مرة أخرى...
عوض الله إذا أتاك أنساك ما مررت بهِ.
دمتم سالمين.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.