عندما أنظر إلى مسار حياتي الآن، أرى بوضوح أنني كنت دومًا في رحلة بحث طويلة، ربما لم أكن أعرف الوجهة، لكن شعرت دائمًا أن هناك شيئًا مميزًا داخلي، قوة خفية لم أتمكن من لمسها.
دخلت في مجالات متعددة، جربت الكثير من المسارات، لكن في كل مرة كنتُ أشعر أنني لا أنتمي إليها. كان العمر يمضي سريعًا، وكأنه سارق خفي يأخذ من وقتي دون أن يترك لي الفرصة لأتوقف وأتأمل.
ومع كل يوم، كان الأمل يتضاءل بداخلي، وكنتُ أتساءل: هل هذه النهاية؟ هل سأمضي في حياتي دون أن أكتشف شغفي الحقيقي؟ مرَّات كثيرة شعرتُ باليأس، توقفت لأتساءل: هل انتهت رحلتي قبل أن تبدأ؟ هل سأترك الحياة دون أن أحقق ذلك الشيء الذي لطالما أحسست به في داخلي؟ ولكن، حتى في تلك اللحظات المظلمة، كان هناك صوت خافت بداخلي يهمس: "استمر في البحث، لم يحن وقتك بعد."
لقد كنتُ دائمًا أنظر إلى الأشياء من زاوية مختلفة. لم أكن أرى الأشياء كما يراها الآخرون. كنتُ أبحث عن التفاصيل الصغيرة التي يغفلها الكثيرون، وأتساءل عن شخصيات البشر، كيف يفكرون؟ ماذا يدفعهم؟ كانت الأفكار تفيض على عقلي كشلالات لا تنقطع، ومع ذلك، كنتُ منغمسًا في مسارات أخرى، مشغولًا عن تلك الأفكار التي كانت تلوح لي كأنها تقول: "أنا هنا، ألقِ نظرة أعمق!" لكنني لم أترك لنفسي الفرصة.
كنتُ أبحث في الأماكن الخطأ، وأعتقدُ أنني وجدت كل شيء، إلى أن وصلت إلى الأربعين. في تلك اللحظة، توقف الزمن للحظة، وكأنني أعيد التفكير في كل شيء.
وبعد سنوات من البحث، اكتشفتُ أن شغفي كان أمامي طوال الوقت. لم يكن بعيدًا، كان قريبًا جدًّا، أقرب مما تصورت. وجدتُ أنني وُلِدت لأكتب، لأعبر عن كل تلك الأفكار التي راودتني طوال حياتي.
هل مررتَ بهذا الشعور من قبل؟ شعور أنك تبحث عن شيء، لكنك لا تعرف ما هو؟ هل تساءلت يومًا: "هل هذه النهاية؟" أود أن أخبرك بأنني شعرت بما تشعر به الآن.
مرَّت سنوات وأنا أسير في طريق لم يكن طريقي، ظننتُ أنني انتهيت، أنني فقدت الفرصة. ولكن هنا، في السادسة والأربعين من عمري، اكتشفت أن الحياة كانت تخبئ لي شيئًا أعظم مما توقعت. هذه الكلمات، ليست مجرد كلمات على الورق، بل هي روح نابعة من أعماقي. هي روح وُلدت من تجاربي، أفكاري، وسنوات من العثرات والمحاولات.
أردتُ لهذه الروح أن تدخل إلى كل قلب، أن تضيء تلك الشعلة التي ربما انطفأت مع مرور الوقت وهذه الكلمات شعلة أمل وتفاؤل لكل من عبر جسر الأربعين عامًا وظن أن حياته انتهت.
هل تعتقد أن الأربعين هي النهاية؟ دعني أهمس في أذنك:
ليس بعد.. لكل إنسان بداية مختلفة، ولكل واحد منا طريقه الفريد. ولكن عليك أن تستمر في البحث، لا تيأس، فإن وقتك لم يحن بعد.
تحلَّ بالتفاؤل، ولا تنظر إلى الأربعين كنقطة نهاية، بل كنقطة انطلاق لبداية جديدة، مملوءة بالفرص والشغف.
هل تساءلت يومًا: "ماذا لو كانت أفضل سنوات حياتي لم تأتِ بعد؟" دعني أقول لك:
إنها في الطريق.. الأربعون ليست عائقًا، بل هي فرصة. إنها تلك اللحظة التي تبدأ فيها رحلة جديدة، بنضج وخبرات لم تكن تمتلكها من قبل. انظر حولك، ربما شغفك أمامك الآن، أقرب مما تعتقد. فقط امنح نفسك الفرصة لاكتشافه.
"لا تكمن الحياة في اكتشاف ما نبحث عنه، بل في اكتشاف أنفسنا ونحن في الطريق إلى ما لم نكن نعرفه بعد." - سقراط
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.