خاطرة "ما القصد بالمستحيل".. خواطر اجتماعية

مصادفة، كنتُ أستمع إلى الراديو، وكانت وردة تغني أغنية "مستحيل لو عملت المستحيل". فجذبتني هذه الكلمة واستوقفتني وأنا أحاول تفسيرها وأقول:

في هذه الأغنية التي تقول "مستحيل لو عملت المستحيل"، إن كلمة "مستحيل" تحمل دلالات متعددة. هذه الكلمة، مثل كثير من الكلمات في اللغة، قد تُستخدم مجازيًّا أو حرفيًّا، وتعكس في السياق الاجتماعي والفني أبعادًا فلسفية وعاطفية متنوعة. كلمة "مستحيل" تُشير إلى شيء يُعتقد أنه لا يمكن حدوثه أو تنفيذه، سواء بسبب قوانين الطبيعة أو بسبب القيم الاجتماعية أو العقلية السائدة. لكنها قد تتخذ معانٍ مختلفة حسب السياق:

أما بالنسبة للمستحيل الحرفي: يُشير إلى شيء يتجاوز حدود الإمكانات البشرية أو قوانين الكون التي نعرفها. مثلًا، إذا كان الحديث عن الطيران دون استخدام تقنيات علمية أو السفر عبر الزمن، فهذا يُعدُّ "مستحيلًا" بمعنى أنه يتعارض مع الواقع الفيزيائي الذي نعيش فيه.

لكن يأتي المستحيل المجازي للتعبير عن أمر يُعدُّ بعيدًا جدًّا عن الاحتمال أو الإنجاز، لكن ليس بالضرورة أن يكون مستحيلًا بمعناه الحرفي. بل تعبر الكلمة عن شيء صعب للغاية أو معقد، أو قد تُستخدم لوصف تجربة شعورية يصعب تحقيقها.

أما بالنسبة للمستحيل الحقيقي، فهو يعتمد على نظرتنا للأشياء وقناعاتنا. من وجهة نظر علمية وفلسفية، ليس كل ما يُعدُّ "مستحيلًا" هو مستحيل حقًّا. في كثير من الأحيان، ما يبدو مستحيلًا في لحظة معينة قد يصبح ممكنًا بفضل التقدم العلمي أو التكنولوجي، أو بسبب تغيُّرات في الفكر البشري.

على سبيل المثال لا الحصر، كان السفر إلى الفضاء في وقتٍ من الأوقات مستحيلًا من وجهة نظر البشر في العصور القديمة، لكن مع تقدم العلوم والتكنولوجيا أصبح أمرًا واقعيًّا. وكذلك العلاج من بعض الأمراض كان يُعدُّ مستحيلًا، ولكن اليوم هناك أدوية وعلاجات مبتكرة تشفي من أمراض كانت في الماضي تُعدُّ نهاية الحياة.

لذلك، إذا نظرنا إلى "المستحيل" من هذه الزاوية، نلاحظ أن الكثير من الأمور التي كانت تبدو غير قابلة للتحقيق قد تُحقق يومًا ما.

الكلمة تُستخدم مجازيًّا للتعبير عن الصعوبة البالغة في الحصول على شيء أو تحقيق هدف. الفكرة هنا قد لا تكون أن الأمر مستحيل حرفيًّا، بل أن المحاولات جميعها لن تجدي نفعًا، مهما كانت الجهود المبذولة.

فهم "المستحيل" على أنه نوع من التعبير عن الإحباط أو الشعور بالرفض التام من قبل طرف من الأطراف بعد وجود حواجز يصعب تجاوزها، حتى لو بذل الشخص أقصى جهوده لتحقيق ما يريد. بمعنى آخر، قد يكون المقصود هو أن الظروف أو الشخص الآخر قد وضعوا حدودًا صارمة تجعل المحاولات عبثية، ويجب أن نتقبل تلك القيود أو الجدران النفسية أو الاجتماعية.

لكن هناك من يقول إن اللجوء إلى كلمة "مستحيل" قد يكون دافعًا لتحقيق المستحيل، إذ يقولون إن المستحيل في النهاية هو مجرد تحدٍ يتطلب الإصرار والإبداع. هذه الرؤية تجعل من "المستحيل" فرصة، حيث إن مواجهة ما يُعتقد أنه مستحيل قد تكون هي الخطوة الأولى لتحقيق إنجاز غير متوقع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة