من وجهة نظري، بل باقتناعي التام، أن الأسباب -التي تُعدُّ دوافع بلفظ آخر- دائمًا موجودة.
دائمًا يوجد سبب، ودائمًا الدافع موجود.
لا أقتنع بفعل شيء دون سبب واضح. فالحزن له سبب، ولو ذهب لذهب الحزن، والفرح له سبب، ولو لم يكن لما كان فرح. والقرب له سبب، لولاه لما عرفنا بعضنا وما كوَّنا علاقات، والبعد له سبب، ولو لم يوجد لعشنا في ضياع بين شعورين: شعور "هل أنا مرغوب؟" أم أن وجودي مجرد معيق لحياة ذلك الشخص؟ دائمًا يوجد سبب لتبدأ، وسبب لتتخذ الخطوة الأولى، وسبب لتواجه المخاطر والأخطار، ويوجد سبب آخر لتتجنب مواجهتها. دائمًا السبب موجود.
دائمًا يوجد سبب، ولكن له حالتان: إما أن يكون مرئيًّا واضحًا كوضوح الشمس، وإما أن يكون بين السطور كالسؤال في امتحان لا نراه موجودًا، ولكن في حقيقة الأمر له مكان وله إجابة.
كما كنتُ أسمع دائمًا أن من يريد الشيء يستطيع الوصول إليه، فأنا أراهن أن من يريد سوف يصل. بمعنى آخر يتناسب مع موضوع حديثنا: من يريد سوف يتبع السبب حتى يحصل على ما أراده.
أرجو من الذين أعرفهم أن يعلموني تلك الأسباب التي يمتلكونها ودوافعهم الخفية. وأعلم أن ذلك مستحيل كاستحالة الخلود. وإن أردنا الأخذ بعين الاعتبار المحاولات القائمة للتوضيح، فسنرى أنه صعب كصعوبة اكتشاف قانون فيزياء جديد لطالب لم يدرس الفيزياء قط.
وأنا أراهن على معرفتي باستحالة الأمر، أنه لن يخبرني أحد بأسبابه ويدَّعي أنها تعنيه وحده. لكني أرى عكس ذلك: إن كان السبب لوجودي أو لعدمه، لقربي أو لبعدي، لفرحي أو لحزني أنا، فأنا أستحق أن أعرفه، كما يستحق أي شخص يقرأ الآن أن يعرف حقيقة هذه الأمور إن كانت تعنيه أو لها علاقة وثيقة به.
لذلك، من اليوم ومن بعد هذه الأسطر، كل من يسأل عن حقيقة مشاعري تجاهه، دون مجاملة أو تجميل، سوف يعرفها. ولا أعدُّ ذلك كسرًا للخواطر. بل دعني أخبره ليرى موقعه من الإعراب، وليعرف أنها من طلبه. وبمثل شعبي: "من يطرق الباب يسمع الجواب". ولن أكذب أو أزين وأجمل الحقيقة. ما سوف يُقال هو الحقيقة الخالصة ولا شيء غير الحقيقة.
لماذا يحب الحبيب؟ ولماذا نفس ذاك الحبيب يخون؟
كلاهما (الحالتان) كان وراءهما سبب ودافع.
لماذا نسعى للنجاح إن لم يكن يوجد دافع أو سبب؟
لماذا نختار أن نكون مع أحدهم في حين نترك الآخر؟ نعم، كما قلت، لسبب ودافع.
هل تحدث الجريمة دون سبب ودافع؟
هل نغضب دون وجود شيء نغضب منه؟
أو نفرح دون وجود شيء نفرح من أجله؟
أو نبتعد دون وجود إشارات للرغبة في البعد؟
أو نقترب دون وجود علامات للرغبة في القرب؟
كل ما حدث معك وفي سنين عمرك كان وراءه سبب، حتى خلقك وراءه سبب.
دخولنا الجنة لسبب، ودخولنا النار لسبب، موتنا لسبب، وحياتنا لسبب.
دائمًا، اعلم السبب واتخذ القرار المناسب.
ولا يشترط أن تأخذ السبب واضحًا، فقد يكون في حالته الثانية أي أنه مخفي. فقط اكتشفه وواجه، وأنت متيقِّن من رغبتك في أن تنفذ قرارك.
لا تدع حبك أو بغضك مع رؤية الأسباب يؤثر على قرارك.
فقرارك اليوم هو مستقبل حياتك لباقي العمر.
رائعة صديقتي تابعي
شكرا لمرورك اللطيف🤍🤍🤍
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.