أمين عبدالقادر لطف أحمد مارس 26, 2023, 8:44 ص

خاطرة "ليالي رمضان في الزمن الجميل".. خواطر وجدانية

أول ليالي رمضان...

في كل مرة يكمل الفلك دورته تعيدني الذاكرة إلى ذاك الزمن الجميل، فأتذكرُ نفسي حينما كنت في سن العاشرة تقريبًا في تلك السنة تحديدًا ومع حلول أول ليالي هذا الشهر الفضيل، كنتُ أتراقص كعصفور لم تكتمل قوى الطيران لديه بعد، وأصيح بكل صوتي "بكرة رمضان بكرة رمضان"، سوف أصوم هذا العام ولن أفطر يوميًا قط، هكذا أخبر أمي وإخوتي.

فترد الغالية -رحمة الله عليها- نعم يا صغيري فأنت اليوم أصبحت رجلاً ويجب عليك أن تصوم، أنت لم تعُد طفلاً لتفطر.

وتبدأ الفرحة تزداد كلما دنا الليل علينا، حتى إذا ما حل أذان العشاء لتجد مسجد قريتنا الصغير يملؤه المصلين تتخلل صفوفهم بنا نحن الصغار، وبعد ما نكمل صلاة التراويح ويعود الجميع إلى بيته تسمع أصواتنا البريئة وأصوات الجميع تردد -مرحب مرحب يا رمضان يا مرحبا بك يا رمضان- وما أن تسمع هذه التواشح فتجد القلب ينتفض وكأنه يعانق فقيد قلبه بعد دهر من الغياب، وتلاحظ بأم عينك أضواء الكشافات تُزين أزقة وديار هذه القرية..

في تلك الأيام، كان لا يزال الظلام يدب في قريتنا، والناس في أغلب البيوت تتسامر على ضوء الفوانيس والبعض الآخر يستخدم الإتريك -يعمل على مادة الغاز- وهو أكثر سطوعًا من الفوانيس التي تعمل على مادة الجاز، وعدد ضئيل جدًا يستخدم التيار الكهربائي، فتجد بيوت أولئك تضج بالشباب والأطفال منذ الساعات الأولى من الليل إذا أتيت متأخرًا فمن المستحيل أن تجد لك متسعًا بين الحشود التي تفيض حتى خارج المنزل..

يقطع البعض منهم أكثر من 500 مترًا، فعن أي متعة وشغف يتحدثون.. كانت هناك حياة بسيطة يتخللها الحب والسلام الاجتماعي يعيشها القروي بأقل أدوات الترفيه كمشاهدة التلفاز والتسلية على النفس بمسلسل تاريخي أو برنامج كفرسان الميدان، الذي كان يحظى بمحبين كُثر -الرحمة والخلود لروح الإعلامي يحيى علاو- مقدم البرنامج كان يملك روحًا مرحة وقلبًا طيبًا ولسانًا عربيًا فصيحًا.

كان يملك موهبة إعلامية فذة انعدمتَ في أوساط الإعلام حاليًا، ولكن رغم بساطة تلك الأيام فقد كانت جميلة وتحمل في طياتها الكثير من المتعة والحب والسلام ما تعجز كل وسائل الترفيه حاليًا أن ترفدنا بجزء من تلك السعادة والمتعة...

سلامًا على ذاك الزمان والمكان وأهله وعلى كل من مر فيه، سلام عليكم جميعًا ومبارك عليكم الشهر، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، واجعلنا اللهم وأهلنا ومن نحب ممن شملتهم رحمتك ومغفرتك وعتقك من النار..

استكشف المزيد حول خاطرة خواطر ذكريات شهر رمضان

بقلم أمين عبدالقادر لطف أحمد

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.