خاطرة "لن يرف لك جفن".. خواطر وجدانية

لن يَرِفَّ لك جفن عندما ترى المشهد، أنت ستختار وستنتقي، أيَّ مشهد؟!

لن يَرِفَّ لك جفن عندما تفكر وتشرد وتطيل النظر، لن يَرِفَّ لك جفن في الغدو والآصال، أوقات لها عظيم الزاد والأجر.

لن يَرِفَّ لك جفن يا لفتنة المنظر، وذاك الذي يظهر هل يا تُرى تَرى أم تغض الطرف وتحني البصر، إنك تتلهف ويسيل لعابك ولكن تتتفطن فتستيقظ مذعورًا من فرط التأثر .

لن يَرِفَّ لك جفن حين تُسنفِر، عالم غريب جديد أزرق صغير ساحر، أو ما رأيك بالتأقزم، في مناجم الأحجار الكريمة تحفر، وفي آخر اليوم  تعود إلى حضن بياض الثلج تقول الشعر والنثر. لن يَرِفَّ لك جفن عندما تسري فيك تلك الرعشة وعلى مُحياك ترتسم الدهشة من برد قارص، أو نومة مفارش، أو هدهدة بها تنتعش، أو عضة جوع تنهش، أو دلال وتفشش.

أنت يا هذا بلاء حَلَّ ونزل، لقد أقام وسكن ما من دونه مهرب، ليس لي إلا البحث عن مخرج أو أجد حلاً دون أن تنتبه أو تدرك أو تقوم من مقامك.

لن يَرِفَّ لك جفن حين أحضر لك لبن العصفور وأسقيك ماء الكوثر.

حين أتصيَّدُ لك الفرائس وأحضرها عند قدميك وأنت نشوان بالنصر.

حين أُلمِّع لك حذاءك لمعان خيوط الفجر.

حين أمسح دمعك وأضمك فتنسى كل هم مر. حين أدغدغك فتضحك حتى تبين النواجذ ووجهك الفتان يحمَر.

حين أُلاطفك فترى العالم الأشعث الأغبر قد تحول فنجان قهوة وسكر.

حين أَلقاك في المعبر أُهيئُ لك الطريق رخاما ومرمر.

حين أُلازمك ليل نهار فلا تتبيَّن من أنت بل لا تكاد تذكر.

حين أُلبسك وبالأبيض أُزينك وأُرتبك وآخذك من يمينك إلى الحج الأكبر هناك تهلل وتكبر.

حين يا روح قلبي أُدخلك فتتوه فِيَّ ولا تعرف بل لا تُميِّز  الكر من الفر.

حين أنا وأنت نمشي معًا في الممر، ورود منثورة على بساط أخضر، لا يُفرقنا الآخرون من شدة تناسق الحركات والسكنات، وتناغم الخطوات كأنه تدريب عسكر.

حين أنظرك وتناظرني، والنظرات حائرة بيننا إلى من تنظر.

حين أُناديك فتلبي ندائي، فأحضر وتحضر، لن يهمني أكثر من هذا فقط تحضر.

حينها لن يَرِفَّ لك جفن، أَرِحْهما وأرحنا وانتهى الأمر.