خاطرة «لا تكن الجاني».. خواطر اجتماعية

نحن البشر سيئين بطبعنا دائمًا ما نحاسب الضحية ونلقي باللوم عليها طوال عمرها ونتغافل عن الجاني.

دائمًا المجتمع يعاقب ويحاسب ويجرح كل يوم وطوال العمر ابن الخطيئة مع أنه ضحية ليس له ذنب، ونتغافل عن محاسبة الأم والأب مع أنهما من ارتكبا الخطيئة، والغريب أنه من الممكن أن يكونا يعيشان وسط الناس في عز وكرم، وقد تكون لهما مكانة ويمجدهما الناس كأنهما ملائكة، حتى وإن عرف الناس بفعلتهما، يحاسبونهما مدّة ثم يتناسون.

دائمًا ما يعاقب المجتمع ويجرح العاجز الذي أصيب بإعاقة إثر حادث كل يوم وطوال العمر مع أنه ضحية ليس له ذنب في ذلك، وننسى أن نحاسب من تسبب له في الحادثة، حتى إن تمت محاسبته تكون العقوبة مدة زمنية محدودة وتنتهي.

دائمًا المجتمع ما يحاسب ويجرح ويعاقب البنت التي تم الاعتداء عليها كل يوم وطوال عمرها مع أنها ضحية ليس لها ذنب، ونتغافل عن محاسبة المعتدي، وإن عوقب يكون عقابه طفيفًا مصحوبًا بمبررات كثيرة وأعذار، وقد ندعي بأن الفتاة هي من تسببت في الاعتداء عليها، ونجعل المعتدي في صورة من استُدرِج للخطأ سواء بقصد أو دونه، حتى إن عقاب المعتدي قد يحمل في طياته عقابًا آخر للفتاة، كالحكم بزواجه منها إن كانت غير متزوجة.

دائمًا ما يجرح المجتمع المريض الذي مرض نتيجة لخطأ طبي أو حتى إهمال تسبب له في نقص أو عجز أو إعاقة، كل يوم وطوال عمره مع أنه ضحية ليس له ذنب، ونتغافل عن محاسبة الطبيب المخطئ أو المهمل، والأدهى أن هذا الطبيب من الممكن أن يشتهر ويلقب بأفضل الألقاب.

دائمًا المجتمع يوجه اللوم ويعاقب ويحاسب الأبناء الذين تربوا على القسوة والكراهية عندما يتعاملون بعنف مع أنهم ضحايا، ونتجاهل عتاب الأهل على أخطائهم التي أظلمت حياة أبنائهم بحياة غير سوية، وعقابنا للضحية دائمًا ما يجعل المعتدي المخطئ يسرف في أخطائه ويقتل حياة ضحايا كثيرين حتى ولو ظلوا أحياء.

العدل هو أن يحاسب الجاني بعقوبات رادعة، ليس فقط من أجل ألا يخطئ مرات أخرى، ولكن أيضًا من أجل أن نلجم ونردع السوء في نفوس جناة آخرين لم يرتكبوا أخطاءهم بعد.

العدل أن نترفق بالمجني عليهم ولا نكن جناة آخرين بجرحنا لهم ونحن نلومهم.

فباختصار، لو كان في محيطك إحدى الضحايا لأي سبب وحاسبته باللوم والتجريح، فأنت أيضًا جانٍ عليه ومذنب.

وكما قال ربنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} سورة النجم، الآية 38.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

رائع ... بالفعل كل ماذكر صحيح
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

احسنت يا جهاد . مقالك أكثر من رائع
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة