لا أعلم، لماذا أحببتك؟ هل لأنك تشبهينني ارتحت لك أو لأنك تناقضيني فعشقت اختلافك؟! في كل الأحوال، أظن أن حبك سرى في وجداني كالسحر، فانغرس في عمق فؤادي، حتى بتُ أتلوى من الشوق المفعم برائحة الحنين.
في البدء كنتُ معجبًا مثل بحر هائج في جزره ومده، تملأني اللهفة للقائها، يركبني الشك في المجازفة بحبها، أردتُ الاقتراب منها ليس أكثر.
لم أقصد التورط في عشقها، لكنه حدث... فجأة سلبت قلبي، وسيطرت على مشاعري، فصرتُ كسير الجناح طيعًا، متيمًا في حبها، أغار عليها من نفسها..
صدى صوتها يرن في أذني، صورتها حفرت في جفوني، مشاكسة في نبضي، تربكني بدهائها، تلاحق تفاصيلي الدقيقة عن ظهر حب، مما جعل حبها هو الأجمل رغم عذابه، هو الأصدق رغم أوجاعه.
رأيتُ فيها شيئًا مختلفًا عن البقية، قلبٌ نقيٌّ، سمح، واضح، مملوء باللطف والرضا..
في حضورها يشرقُ قلبي دفئًا، وتصنع من حزني فرحًا، هي بلسم لكل ما مر بي، تشحن عزيمتي، تترفق بهفواتي، تلمح ما اختبأ في قولي، تفهم حرفي، تقاسمني التفكير، وتشعل شمعة الإبداع في مخيلتي، صديقة لزميلاتها، ووحيدة في ذاتها...
بالمقابل أراها أحيانًا متقلبة المزاج، قلقة، عنيدة، شقية... تشبهني حتى التنافر، وتختلف عني حد التطابق، تعشق الانعزال، وتشح بالكلام، وتعزف عن الطعام، قلبي يتناثر مني كلما كانت على هذا الحال.
في مثل هذه الظروف الاستثنائية، أرى منها اختلافًا يستحق الانسحاب برفق، ألوذ بالصمت، وأعد الخُطا إلى المقهى فورًا.
هناك ألجأ وأسند ظهري إلى كرسي قرب النافذة، أرتشف قهوتي المفضلة، أفكر في المصير، حتى لا أرهق نفسي بالتفكير، ديبلوماسيٌّ أنا في إدارة العواطف وحل الأزمات وربط الجسور بين الحب والسلام..
فلسفتي في الحياة ترتكز على أنه لا كرامة في الحب، أنا أسد في أرض المعارك، وحمل وديع أمام غضب حبيبتي، أنتظر حتى تهدأ ثورتها، ويرق طبعها، فتلك عادتها، سرعان ما تغضب لتروق، وتحزن لتشيع في البيت بساط حبور.
سجية حبيبتي، زوجتي، وأم أولادي على هذا الشكل، آنسنا بعضنا، وألفنا شغبنا الذي يوقظ شجون الذكريات الجميلة، ويقدح شعلة الهيام في قلبينا..
حقيقة، متعب جدًا اختلاف الأرواح في علاقة منسوجة بخيوط الدوام والاستمرار، وجميل جدًا السكن لمن نحب، فالحب هبة ربانية إذا ضيعته لن تجده... فاحرص على رعاية حديقة حبك، وسقايتها بماء الصبر والاهتمام والاحترام، حتى تورق وتفوح رائحتها عطرًا فواحًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.