خاطرة "كيف تكونين أمًّا".. خواطر اجتماعية

علاقة ساحرة تلك التي تربط الأم بطفلها، تبدأ من أول دقيقة يوضع فيها الجنين في رحم أمه ولا تنتهي أبدًا. علاقة أبدية، وثيقة ومتينة تحدث عنها الله عز وجل في كتابه الكريم، وحثَّ عليها كل خلق كريم وكل دين قويم. إنها علاقة الأم بطفلها أو بأطفالها، وهذا إعجاز آخر في تلك الأم، وهي قدرتها على العطاء والحب لكل أطفالها على السواء. لا تُفرِّق بين الأبناء، وتعطي الحب بلا مقابل.

وهنا سوف أتحدث عن الأم تارة، وعن الطفل تارة أخرى، وعن علاقتهما وكيف تنشأ، ومتى تنشأ، ومدى قوتها.

تبدأ علاقة الأم بطفلها منذ أن كان جنينًا في رحمها، وهي تشعر به كل يوم وليلة، بل وكل دقيقة. تشعر به وهي تأكل وكأنه يأكل معها، وهي تشرب وكأنه يشرب معها، وهي تتنفس وكأنه يتنفس معها. وهنا يقف العقل مذهولًا أمام تلك الأم وهذا الحب الغريب الذي لا تصفه الكلمات. وهذا الشعور العجيب، وهو شعور أن تحب إنسانًا قبل أن تراه، وربما قبل أن تعرف أي شيء عنه؛ لا شكله ولا صفاته ولا طباعه، وربما حتى لا اسمه أو نوعه، ذكر كان أم أنثى.

ولكن كل ما تعرفه الأم في تلك اللحظة أنها تعشقه وتخاف عليه وتحبه أكثر من نفسها، وتخاف على نفسها من أجل أن تحافظ عليه. وكل ما يشغل بالها هو كيف لا تفقده، وكيف تحافظ على هذه الهدية التي أهدَاها الله لها.

تلك العلاقة الساحرة لو تأملناها وتأملنا كل جزء منها، سوف نقول: سبحان الله، سبحان هذا الخالق العظيم.

قد تشعر الأم في هذا الحمل بالآلام والتعب، سواء الجسدي أو النفسي، وربما لا تستطيع أن تقوم من مكانها كما أمرها الطبيب، وربما تتحرك بحذر وتمشي بحذر وتجلس بحذر، حتى عندما تنام تتقلب بحذر خوفًا على هذا الصغير الذي حتى لم تره ولم تشم رائحته ولم تمس جسده الصغير وجلده الناعم الذي يأسر قلبها عندما ستراه. كل ما تشعر به الأم في تلك اللحظات من الحمل، أكثره يكون اشتياقًا وحبًّا لهذا الصغير الذي سوف يُغيِّر عالمها، ويجعل لها قيمة، ويجعل لها هدفًا في هذه الحياة. تشعر أنها تملك كل شيء، وتشعر أنها أنثى؛ لأن المرأة إن لم تنجب فإن هذا يقلل من ثقتها في نفسها، ويقلل من إحساسها بقيمتها وقوتها، لأن هذا الصغير يعطيها قوة فوق كل قوة عندها.

هذا هو الحب الحقيقي في وجهة نظري؛ لأنه حب يجعل صاحبه يبحث دائمًا كيف يتقرب لحبيبه، كيف يتعامل مع حبيبه، كيف يُحسن معاملة حبيبه، يعلم ما ينفعه وما يضره، وما يحبه وما يبغضه، مراحل نموه وتطوره. وهنا تجد الأم إما تقرأ كل شيء عن الطفل وعن الطفولة كلها، وإما ترى الفيديوهات عن كل ما يخص هذا الكائن الصغير في أحشائها. تريد أن تعطيه كل شيء، سواء مجهودًا جسديًّا أو نفسيًّا، وهي راضية النفس، سعيدة، متفائلة به أنه سيكون إنسانًا نافعًا في الحياة لنفسه ولأمه ولإخوته وللمجتمع كله.

وللحديث بقية عن الأم والطفل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة