يقف الخطيب منتصبًا على المنبر، ويبث في كل جمعة عددًا من النصائح على المصلين.
منذ التحاقك بالمدرسة حتى تخرجك من الجامعة، كم عدد النصائح التي سمعتها من المعلمين وأساتذة الجامعات؟
كم نصيحة سمعتها من أبيك؟ وكم نصيحة سمعتها من أمك منذ كنت صبيًّا حتى اليوم؟
كم نصيحة قرأتها من الصحف ومن الكتب ومن واتس أب ومن غوغل ومواقع البحث والتواصل؟ وكم نصيحة سمعتها من التلفاز ويوتيوب والراديو؟
كم نصيحة سمعناها طوال حياتنا من كاتب أو مثقف أو مصلح اجتماعي أو طبيب نفسي أو عالم دين أو تاجر عقار أو رجل مسن أو مدرب تنمية ذات أو من كهربائي أو ميكانيكي سيارات... إلخ؟
حتمًا سمعنا كميةً هائلةً من النصائح يمكن جمعها في كتاب ضخم، وسيحتوي هذا الكتاب إن ألفناه على نصائح في كل مناحي الحياة، نصائح مالية للتسوق عبر الإنترنت، نصائح عن الدايت وفقدان الوزن، نصائح في بناء الڤيلا، نصائح عن السفر، نصائح في شراء الخضراوات، نصائح في التعامل مع المراهقين، نصائح للإقلاع عن التبغ، نصائح عن كيفية اختيار إطارات السيارة، نصائح عن الأسهم، نصائح عن الادخار، نصائح في تسديد الفاول ..إلخ.
بينما تطبيقنا لهذه النصائح يعد ضئيلًا جدًّا، في كل عشر نصائح يمكن أن نطبق نصيحة واحدة أو نصيحتين فقط.
لماذا؟
سمعنا نصائح عن مضار التدخين، ومضار المشروبات الغازية، والكولسترول، ومضار السهر، ومضار الإسراف في الولائم، ومضار الإدمان على الأجهزة الذكية... إلخ.
ولكن كثرة النصائح لم تسهم في التخفيف من أي مشكلة.
بل على النقيض من ذلك حصلت زيادة في أعداد المدخنين، ولا يزال للمشروبات الغازية رواج عند الصغار والكبار، والإسراف في الولائم والحفلات باقٍ، وبتنا نعاني إدمان استخدام الأجهزة الذكية.
إذا كنا نوصف بالمستهلكين في الصناعة وفي التكنولوجيا، فنحن نعد من أكبر منتجي النصائح في العالم.
حال الناس مع النصائح أُوجزه في المثل الشعبي المشار إليه في عنوان المقال ولا بأس من تكراره: (كلٌّ بعقله راضٍ بماله لا).
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.