عالمنا الذي نعيش فيه الآن أصبح موحشًا غريبًا، تبدَّلت فيه العادات والتقاليد والأفكار، وتباعدت المسافات بيننا وبين أقرب الناس إلينا، بعد أن سيطرت علينا الآلة والشبكة العنكبوتية، والنمط السريع في كل مناحي الحياة.
فأينما اتجهت غربًا أو شرقًا تجد الإنسان تحوَّل وبصورة مخيفة ومتسارعة نحو المادة والعصرنة، والسعي المهووس وراء التقدم والرفاهية، مهما كلَّفه الأمر.
حتى أصبح المال هو المعيار الأول لقياس النجاح، واقتناص فرص الحياة المليئة بالصراعات والحروب والنزاعات، بل والكوارث الطبيعية والمصنَّعة..
إذن، حتى تسطيع أن تعيش حياة سعيدة، عليك جمع أكبر قدر من المال.. فكر خاطئ تملَّك كثيرًا من البشر، فوجدنا مواقع التواصل حول العالم -بمختلف توجهاتها- مسرحًا مخيفًا من الأفكار والأفعال تتصدَّر حياتنا وتفسدها بالتفاهات، وتسعى برخص وابتذال وبكل الطرق –حتى وإن كانت غير سليمة- لجمع المال.
صراع محموم نعيش فيه بلا وعي أو وقفة مع النفس "هل أنت حقا سعيد في حياتك"؛ بدأنا ننظر للآخر بعين الحرمان..
نسينا أن معيار السعادة وراحة البال لا يُقاس بالمال أو الماديات أو المناصب والجاه..
نسينا أن جوهر الحياة هو أن يمرَّ يومك دون أن يعتريك طارئ ملوث بمنغصات وسلبيات محيطنا..
وأن الأرزاق موزَّعة بمقادير محسوبة، فإن لم يكن نصيبك مالًا قد يكون صحة وراحة بال، وسعادة مصدرها الرضا بالمقسوم، وإن كان لا يكفي حاجتك..
تعلَّم الوقوف إلى جانب مبادئك؛ فالمصالح سحابة تمرُّ ويمرُّ معها أصحابها.. لا عيب أن تبحث عن مصلحتك، لكن بشرط ألا تتعارض مع مصالح غيرك..
ما أكثر الذين يعيشون في الحياة تتخبطهم الظروف وتتحكم بهم الأهواء والمصالح الضيقة.
تلَمَّس الطريق الصحيح، حتى لو كثرت محاولات الفشل وكثر السائرون في الطريق الخاطئ..
تعلُّمك من الأخطاء نجاة من الوقوع فيها مرة أخرى.. قِف من جديد واستجمع قوتك، فالخطأ ليس نهاية المطاف.. والحياة لا تُعطَى لضعيف أو مهزوم.
لو افترضنا وجود كتالوج لحياة سعيدة؛ فإنه يتلخَّص في أن الصحة وراحة البال والسعادة والطمأنينة لا يشتريها المال ولا يعوِّضها جاه أو سلطان، وأن المودة والحب والتآلف بيننا هي سرُّ السعادة الحقيقية، وأن الانشغال بأمور الحياة والآخر ظلم لمن هم أولى بهذا الانشغال..
عش حياتك بحُلوها ومُرِّها، وثِق أن الحلو لا يدوم والمر لا يطول.. وإن أحزنك شيء فلا تجعله يتملَّكك، واعبر بنفسك إلى شاطئ آخر..
اجلس مع مُحبِّيك وأسرتك وتبادل معهم الحديث، وتواصل معهم بحضورك بينهم وليس بالهواتف ومواقع التواصل..
لا تدع العصرنة تُضيع عليك العمر في اللهث وراء تقدُّم زائف.. فالحياة نعيشها مرة واحدة.
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.