بطران فضل محمد سبتمبر 14, 2023, 6:33 ص

خاطرة "كبسولة الزمن ستخبرك".. خواطر وجدانية

لقد مضى على ذلك الوقت الكثير، عندما كنا نتحدث بالأحلام، عندما لم تكن تهمنا لا الحدود والإمكانيات..

نجلس عند زاوية الطريق ونتحدث عن ما نريد، عن القمر عن الفضاء، عن الأرض وما تحمله النواة، عن الماضي والأمنيات، عن ما تحمل قلوبنا من حب واشتياق، عندما كنا لا نزال في داخلنا شباب، لا للوقت سلطان علينا ولا نهتم بالمكان.

وفجاءة في ذات ليلة سرقنا من المجهول، بقايا حياة الماضي أصبحت تراودنا في المنام، نتمنع عنها عندما نستيقظ ونركض لكي لا نتذكرها في الأرجاء نضيع، ينبت الشيب في رأسنا بالتدريج، نفزع عند رؤيته على المرآة، نتغطى في الليلة حتى لا يؤخذ آخر سوانا الليل ويتركنا في بياض، يخبرني الرجل العجوز بأنه تاج لا بد من ارتدائه، أنظر في عينيه فتخبرني بأن اركض منه لو كنت تستطيع.

وأعود إلى الطريق، شارع الأحلام وجزيرة اللالا لاند، لا أحجار مكدسة عند العمود، لا صوت يخرج، لا شيء إلا الجماد، لا رجال يتجولون، ولا أطفال بالطين يلعبون، ولا نحن عن الزاوية جالسون.

لا يحمل شارعنا سوى رائحة الذكريات، أشجار تركتها صغيرة لم تكبر، وأخرى كبيرة أراه خالية على عروشها تبكي، آثار أقدام في كل مكان، أتبعها فتوصلني إلى حيث خبأنا أنفسنا.

إننا خلف ألف باب منتظرين، تحت سبعين أرضًا نختبئ، من أنفسنا، من منجل جعل أعناقنا في الماضي تطير، إننا كبسولات زمن لأنفسنا إن بحثنا في نفسنا أعمق فأعمق من دون تأخير، نخرجها نفتحها ومن داخلها العبق يطير، ألوان وأقلام، صور تظهر فيها ابتسامتنا ورق دونا عليها ما نريد.

أصواتنا والأغنيات، حبنا النبيل وكلماتنا عنه، وسهر الليالي وساعات الانتظار، نجلسها قلقين حتى تنتهي وننام، ونحلم بالغد يحمل لنا في حقيبته مزيدًا من السعادة والهناء، وتلعب حتى جنح الليل أرواحنا في الفضاء.

أجلس هناك من دون صوت، من دون أدنى شعور بالهناء، تنساب من عينيَّ الدموع فيهطل عند قدميَّ مطر بلا برق ولا رعد ولا غيوم في السماء.

لقد هجرنا كل شيء من أجل أن نحظى بالمزيد، طمع ساقنا إلى ما هو بعيد، فأضعنا الطريق، فأخذ الوقت يمضي من دون أن ندري وهو يقتات على ما تبقى في حياتنا من سنين.

والآن عدنا نبحث عن أنفسنا مجددًا، نهضت وقد ساقط عني غبار الماضي وقطع الذكريات، هبط الليل وتطلع القمر المنير، ونجوم على الأفق سترشدني من جديد، إلى حيث أريد سأصل حتى ولو بعد حين.

بقلم بطران فضل محمد

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة