خاطرة "كبرياء".. خواطر وجدانية

خُلِقتُ مِنَ الحَديدِ أَشَدَّ قَلباً ** وَقَد بَلِيَ الحَديدُ وَما بَليتُ... هكذا قال (عنترة بن شداد) عندما قرأت هذا البيت في صغري.. وجدتُ أنه من الصعب بل من المستحيل أن يتمتع بهذه الصفة أي إنسان على الإطلاق..

حتى عنترة بن شداد رغم قوته البدنية، وهذا بالتأكيد ما يقصده في كلماته.. رغم ذلك فإنه قد وقع في غرام عبلة، حتى أصبحت قصتهم تتداولها الألسنة، وتكتبها أقلام الكتاب والأدباء حتى الآن...

برغم قوته التي شبهها بالحديد، فإنه لم يستطع أن يمنع اختراق الحب قلبه، وكيف يمنعه وهو صاحب كلمة ووجدان، جمع بين اللين والغلظة، بين القوة والضعف، حينما يكون بمفرده في عالمه الخيالي يشدو شعره، أو حينما كان مع محبوبته، يجعل قلبه الذي خُلق من حديد، يتكلم بأعذب القول يأخذهم لعالم آخر، وكأنهم عاشوا الحياة من قبل..

أكاد أُجزم أن كلمات عنترة بن شداد هذه، لم يتفوه بها قبل أن يتمكن من قلبه الحب، فربما لم يتخيل أن قلبه الذي خلق من الحديد يمكن أن يُبليه شيء في الدنيا، ولكن قلبه لم يبل إلا من شيء سماوي خلقه من جديد، وأنا مثلك يا عنترة..

لم أكن أتخيل نفسي تتعلق بشيء، أو يكون هناك من يتحكم في تصرفاتي، يأسرني ويستعبدني، أسير نحوه دون وعي أحياناً وفي أحيان كثيرة أتبعه بوعي وإدراك كامل مختلطاً بشيء من اللامبالاة (الإستعباط)، حتى أصبح هذا الشيء عادة لا تتجزأ عن كياني..

تلتصق بي وكأني ولدت بها، ومع مرور الأيام والشهور والسنين تتغير النظرة.. الملامح.. طريقة الكلام.. التصرفات.. التنفس.. يصبح كل شيء يتمحور حوله..

إنه الحب، نعم لقد أحببت حتى النخاع، حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولكن الفخ الذي أخشاه وأشعر بالرعب كلما مر هاجسه على بالي.

حين أتناول طعامي وحين أستجدي النوم بعد ساعات سهر طويلة.. يأتي لي هذا الهاجس كثيراً محاولاً إخافتي كلما شعرت بالأمان.. يشعرني بالتعاسة في عز سعادتي... يصيبني بالقلق في أوج فرحتي...

إنه الخوف الذي يأتي مع السعادة ليذكرني أنها مؤقتة، وستزول حتما يوماً ما، فيتعكر صفوي وأحس بمرارة في حلقي تكاد تخنقني، وتفسد سعادتي ومع الوقت ومع مرور السنين تنفرها نفسي إلى أن تعجز عن الشعور، لا.. لن أقع في هذا الفخ.. سأقاومه بكل ما أوتيت من قوة وسأجعل عذري الوحيد لهذا الخوف الذي ينتابني.. أني أحببتها بجنون.. لا أرى غيرها.. رفيقة دربي وحياتي، سأظل أحبك دوماً.

ولن أصدق مخاوفي.. أنك لست معي، لست على قيد الحياة.. كما يقولون؟ لا.. أنت تعيشين داخلي.. تتوغلين في روحي.. لن أدعك تغادريني أبدا.. فلن أتحمل فراقك في الدنيا.. وما زلت أحيا.. وأكره الانتظار حتى نلتقي... بعد ما أموت.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
Mar 20, 2023 - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
Mar 19, 2023 - زكريا مرشد على حسن الشميري
Mar 15, 2023 - خوله كامل عبدالله الكردي
Mar 15, 2023 - فتح الرحمن محمد أحمد عثمان
Mar 14, 2023 - أمين عبدالقادر لطف أحمد
Mar 14, 2023 - د. حمدي فايد عبد العزيز فايد
Mar 14, 2023 - أحمد محي الدين الهادي محمد
Mar 14, 2023 - أحمد محي الدين الهادي محمد
نبذة عن الكاتب