كان لديَّ صديق صحفي لامع يتمتع بثقافة واسعة وعقل متفتح، كلما تحدثت معه شعرت وكأنني أفتح نافذة تطل على عالم آخر أكثر إشراقًا وعمقًا، كان حريصًا على التواصل معي يوميًّا، يتصل ليسأل عن يومي وتفاصيل حياتي وكأنه يحاول أن يرسم لي خريطة اهتمام غير مشروطة، وكنت أقدر ذلك جدًا وأحترمه.
وفي يوم جاء اعترافه دون أي مقدمات: "أنا أحبك"! كانت المفاجأة كبيرة لي.
لم أكن أراه سوى صديق. فكان ردي بسيطًا لكنه واضح: "لن أستطيع الارتباط الآن، وأفضل أن نكون أصدقاء" لم أكن أريد أن أجرحه أو أحرج نفسي، لكنني كنت صادقة في مشاعري.
لكن رد فعله كان عكس توقعاتي. بدأ يلح في طلبه ويقول لي "أعطِني فرصة، خذي وقتكِ.. أنا واثق أني سأجعلكِ تحبيني".
كنت أرى في إصراره تعبيرًا عن العناد الشرقي، وكأن الحب معركة يجب عليه الفوز بها. كنت أرفض ولكن إلحاحه كان يزداد!
ولأنني لا أطيق أسلوب الزن والإلحاح والمطاردة، خاصة في مسائل الحب، وفي الوقت نفسه لم أكن أرغب في فقدانه بصفته صديقًا.
فكرت في حيلة كي أتخلص من ضغطه بطريقة لا تجرحه ولا تجعله يظن أنني أرفضه بسبب عيب فيه.
قلت له: "أنت إنسان رائع وألف امرأة تتمناك، لكن.. لكن أنا أحب شخصًا آخر من طرف واحد". فجأة تغيرت ملامحه، وبدأ يصرخ مستنكرًا: "حرام عليكِ، أقول لك أحبكِ وأنكِ أكثر امرأة أحببتها، وأنتِ تقولين إنكِ تحبين رجلًا آخر!". لم أكن أريد أن أجرحه، لكن كانت تلك الطريقة الوحيدة لإيقافه.
في حقيقة الأمر كنت أتوقع ردة فعله هذه، وأعلم أن رفضي مستحيل أن يتقبله بسهولة كأي رجل شرقي. وقبل أن يكمل عتابه انصرفت حتى أُنهي هذه الدراما البائسة، وحظرته على الهاتف وعلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أنني كنت أتمنى أن يحترم موقفي، بدأ يرسل رسائل اعتذار، ومحاولات مستميتة لتوسل فرصة أخيرة، وإصلاح ما بيننا، ويخبرني فيها أن أجمل أوقاته هي التي كان يقضيها معي، وأنه لا يستطيع نسيان تلك الأوقات.
ظل يحاول، واستمر بالاتصال والرسائل مدة طويلة، وأنا أتابعه بصمت عبر قائمة الحظر، حتى تملك اليأس من قلبه، وانسحب أخيرًا من حياتي بهدوء وسلام.
لا أنكر أنني حزنت لفقدانه بصفته صديقًا، بيد أنه قرر إنهاء صداقتنا في اللحظة التي قرر فيها أن يؤدي دور البطل في حياتي رغمًا عني!
والحقيقة..
أن معظم الرجال الشرقيين يعتقدون أن أي علاقة بامرأة يجب أن تنتهي بهم في دور البطل الرومانسي، غير مدركين أن النساء قد يفضلن أحيانًا مجرد وجود صديق صادق دون أن يحاصرهن بقصص حب لم يطلبنها.
يا عزيزي الرجل..
إذا كنت لا تستطيع أن تبقى صديقًا في حياة امرأة، فلا تلومن إلا نفسك حين تجد نفسك رقمًا محذوفًا بلا رجعة!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.